Descripción: Unidad didáctica de fútbol para 1er. año de educación secundaria.
laboratorio
Full description
Descripción: evaluacion final
Descripción: Microondas (ODU 1+1 1+0)
Descripción completa
الطفال المهمشون قضاياهم وحقوقهم
د .رجاء ناجي
1
مصدر الكتاب:اليسيسكو المنظمة السلمية للتربية والعلوم والثقافة http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/AtfalMoh/Menu.htm ** -هذا الكتاب منشور مجانًا على موقع اليسيسكو .الرجاء عدم استخدامه لغراض تجارية تحت أي مسمى كان- اعادة النشر بواسطة :منظمة غاندي لحقوق النسان في الشرق الوسط و شمال افريقيا
الفهرس تقديم مقدمة الفصل الول :من هم الطفال المهمشون أول :الطفال اليتام ثانيا :الطفال الفقراء ثالثا :الطفال المعاقون رابعا :الطفال غيرالمتمدرسين خامسا :الطفال المشردون سادسا :الطفال النازحون سابعا :الطفال اللجئون ثامنا :الطفال الممزقون عائليا تاسعا :الطفال غير الشرعيين عاشرا :الطفال المتكفل بهم حادي عشر :الطفال المسَتوَلدون من تخصيب تقني الفصل الثاني :الحماية الشرعية والقانونية للطفال المهمشين: المبحث الول :حقوق الطفل عامة أول :الحق في الحياة والمجيئ إليها ثانيا :حق الطفل في الحرية ثالثا :حقوق تهم الوضعية القانونية للطفل رابعا :الحق في الهوية الثقافية العقائدية خامسا :حقوق الطفل على السرة سادسا :حقوق الطفل على الدولة المبحث الثاني :حقوق الطفل في الظروف غير العادية أو حقوق الطفل المهمش في المساواة مع الطفل العادي أول :حق الطفل غير الشرعي في النسب ثانيا :حق الطفل المحروم من السرة في أسرة بديلة ثالثا :حق الطفل المحروم من النفقة في مورد للعيش رابعا :حق الطفل المهمش في التربية و التعليم خامسا :حماية إضافية للطفل المحروم من الستقرار سادسا :حق الطفل المعاق في التغلب على العاقة
2
سابعا :حماية خاصة للطفال المعرضين للستغلل والعتداء ثامنا :حقوق الطفل الجانح في إعادة تأهيله الفصل الثالث :برامج مناهضة التهميش بالدول السلمية:أسباب الفشل: المبحث الول :عوامل مباشرة للتهميش أول :أسباب اليتم ثانيا :أسباب المية ثالثا :أسباب العاقة رابعا :أسباب الفقر خامسا :عوامل تزايد الطفال المتخلى عنهم والمشردين سادسا :الظروف الجتماعية والقتصادية كسبب رئيسي للتشرد سابعا :ارتفاع نسبة الولدات في الوساط غير المحظوظة ثامنا :النزوح في اتجاه المدن أو الدول المصنعة تاسعا :اللجوء والترحيل الجماعي المبحث الثاني :عوامل أخرى تزيد من تعقيد مشاكل التهميش أول :التحرج من مواجهة المشاكل وافتقاد الجرأة على إعلن الرأي ثانيا :العتقاد بأن الدراسات المستقبلية منافية للشرع ثالثا :عدم إتقان لغة الرقام رابعا :عدم توجه التبرعات الخيرية للميدان الجتماعي الفصل الرابع :استراتيجيات كفيلة بتقليص معاناة الطفال المهمشين: المبحث الول :برامج مستعجلة لنقاذ الطفال المهمشين المطلب الول :نفعية واستعجال النفاق على الطفولة أول :رفع الميزانيات المخصصة للطفولة ثانيا :التكفل الني والمستعجل بالطفال المحرومين ثالثا :اللتفات للطفال في زمن الحرب رابعا :دعوة المؤسسات غير الحكومية للمساهمة خامسا :إجبارية التعليم وتعليم البنات بالخصوص المطلب الثاني :تفعيل اللة القانونية أول :التصدي للمخاطر التي تهدد الطفل المهمش ثانيا :تقييد ممارسةالطلق وتعدد الزوجات ثالثا :إرفاق أحكام النفقة بالستعجال والزجر رابعا :صرامة إضافية لزجر الجرائم التي تمس الطفال خامسا :تعامل أفضل مع الحداث الجانحين سادسا :التصدي بحزم أكبر لظاهرة المخدرات المبحث الثاني :سياسات ضرورية على المدى المتوسط والبعيد أول :من أجل إعداد مواطنين صالحين ثانيا :دمج المرأة في مخططات التنمية ثالثا :الهتمام بالبادية رابعا :التركيز على السرة في برامج التنمية خامسا :تبني استراتيجيات عن الشباب سادسا :تكثيف الحوار بين المؤسسات الرسمية ومراكز البحث العلمي سابعا :تفعيل التعاون الجهوي ثامنا :شروط أساسية لنجاح المخططات خاتمة المصادر والمراجع
3
تقديم تولي المنظمة السلمية للتربية والعلوم والثقافة عناية خاصة للطفل ،باعتبار أن حسن إعداد الطفل ،وتربيته التربية الصالحة ،هما خير وسيلة لتحقيق التقدم والرقي والنماء والزدهار في الحاضر والمستقبل .وانطلقًا من القتناع بهذه الحقيقة التي تؤكدها عبرُة التاريخ وتجربُة الواقع ،فقد أفردت المنظمة السلمية للطفال في خطط عملها المتتابعة ،برامج عديدة تهدف إلى تطوير معارفهم ،وإلى تنمية مواهبهم في رحاب الثقافة السلمية .كما أنها اعتنت بإعداد الدراسات والبحوث المتعلقة بالطفل ،من حيث التعريف بحاجاته ومشكلته في البيئات المختلفة التي يعيش فيها ،ومن حيث توجيه المجتمع إلى حسن تربيته والعناية به. ق الشرعية والقانونية ويتناول هذا الكتاب الطفال المهمشون :قضاياهم وحقوقهم[ ،بالبحث والدراسة ،الحقو َ لهؤلء الطفال ،ويقدم الحلول العملية الكفيلة بتخفيف المعاناة عنهم في حياتهم التي يشقون بها ،والتي فرض عليهم فيها أن يعيشوا على هامش الحياة العامة في مجتمعاتهم. ويسعد المنظمة السلمية للتربية والعلوم والثقافة ،أن تقدم هذا الكتاب ضمن سلسلة الكتب التي تصدرها عن ث على شؤون الطفل ،هادفًة من وراء إصدار هذا الكتاب ،إلى إبراز تعاليم الدين السلمي الحنيف التي تح ّ رعاية الطفل وتحضّ على العناية به ،وتحفظ له حقوقه الكاملة ،والتي تتضّمن الدعوة إلى التراحم والتعاون، جه نحو تنشئة الطفل في مناخ يسوده العطف الجتماعي ،وفي جّو عائلي تكتنفه الرأفة وتسوده الرحمة، وتو ّ حمايًة للطفال من التشرد والجنوح ،وانقاذًا لهم من السقوط والضياع. وتقدم المنظمة السلمية للتربية والعلوم والثقافة الشكر للمؤلفة الستاذة رجاء ناجي التي قامت بإعداد هذا الكتاب القيم ،وتسأل ال تعالى أن يوفقنا في خدمة أجيال أمتنا. الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة السلمية للتربية والعلوم والثقافة
4
مقدمة طْفل ويقصد به الناعم الرخص من كل شيء .من ثم فالطفل في النسان هو صغيره الذي لم من هو الطفل :يقال ال ّ يشتد عوده .والطفولة هي مرحلة من عمر النسان ما بين ولدته إلى أن يصير بالغا مكتمل قادرا... حَدث كبديل عن الطفل .ومع أن الحدث يرادف لغويا الشاب ،فإنه في وفي العلوم القانونية عادة ما يستعمل لفظ ال َ لغة القانون أخذ معنى اصطلحيا آخر له علقة وطيدة بالجنوح .لذلك بمجرد أن نتلفظ بعبارة الحدث ،يتبادر للذهن الطفل أو اليافع المهمل اجتماعيًا ،أي المهمش. متى تنتهي الطفولة :تلزم الشارة إلى أن هذه النقطة بالذات ظلت على مدى الزمان غير محددة بدقة .بحيث أعطي لتعريف الطفولة معنى واسٌع وغير محدد ،بشكل لم ُتعَرف معه نهايتها الدقيقة ،إلى أن أصدرت هيئة المم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل المؤرخة في 20نوفمبر 1989م ،حيث عرفت الطفل بأنه <كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ،ما لم يبلغ الرشد بموجب القانون المطبق عليه>. من ثم يبدو أن لفظ الطفولة يستوعب كل المراحل التي يقطعها النسان منذ ولدته إلى أن يصل سن الرشد .أي وهو صبي ،يافع ،شاب... ونحن في هذا البحث ،عندما سنستعمل عبارة الطفل والطفولة سنحملهما المعنى ذاته ،لكن بنوع من التحفظ. على اعتبار أن بعض الطفال يخرجون من مرحلة الطفولة قبل الوان ،بمقتضى الترشيد ،كما أنهم قد ل يخرجون منها لسباب مختلفة منها تأخر النمو الفكري والجسدي. الطفل رجل المستقبل :عندما نقول <طفل> نقول تلقائيا <رجل الغد> .من هنا يأتي المثل السائد< :داخل كل طفل يوجد رجل مستقبل> .ومعنى هذا أن الطفولة تقتضي عناية خاصة وحماية قانونية زائدة ،إن أردنا فعل أن نكّون نساًء ورجال صالحين .فحسن تكوين وتربية الطفل ليست قضية الطفل المعني فحسب وإنما قضية المجتمع الذي سينصهر فيه و قضية المة بكاملها. لذلك فكل الطاقات الفاعلة ملزمة بأن تسهم في توفير الجو الملئم لحسن تربية وتكوين النشء وتهييئه لمواجهة الحياة .ويأتي التشريع في المقام الول ،لنه بدون إجبار قانوني ل يلتزم الكبار باحترام الواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه الصغار. على رأس الحقوق التي يجب العتراف بها للطفل وحمايتها الحق في أن يعيش طفولة طبيعية ،في حضن أسرة توفر له الرعاية و الدفء .فالبالغ يمكنه الستغناء عن باقي أفراد السرة ،أما الصغير إن ُأْبِعَد عنها تعرض لكل المخاطر المتصورة ،المادية والمعنوية والنفسية. وحتى عهد قريب لم يكن الطفل يشكل موضوعا مؤّرقا ،ول الناس كانوا يهتمون بحقوقه وواجبات المجتمع تجاهه .لكن مع تعقد الحياة الجتماعية ،تبعا لتحولت نمط الحياة ،تفاقمت قضايا الطفل وبات يشكل خطرا على نفسه وعلى المجتمع ،كما أضحى محل اعتداءات حتى من أقربائه .ومع اليام تعقدت البعاد الجتماعية ـ ح الموضوع ما يستحقه القتصادية التي يؤدي إليها تهميش الطفال .وزاد المر خطورة بالمجتمعات التي لم تمن ِ من عناية. فكان أن ظهرت في المجتمعات المتقدمة بالخصوص ،مدارس علم الجرام مرتكزة على قواعد علم حديث يعتمد التجربة والحصاء ورصد الظواهر .فتأكد أن عدم العتناء بالطفل في ظل المتغيرات الحديثة ،يحوله إلى مصدر للخطر على نفسه وعلى غيره .وتأكد أيضا أن الطفل غير السوي يحتاج للعلج ،للرعاية ،لعادة التأهيل.... ثم توالت الجتهادات في الموضوع ،واتسعت ـ موازاة مع ذلك ـ ،لوائح حقوق الطفل. فصدر عن هيئة المم المتحدة ،التصريح العالمي لحقوق الطفل في 20نوفمبر 1959م ،الذي ما فتئ أن أبان عن عدم كفايته ،مما استعجل صياغة اتفاقية حقوق الطفل في 20نوفمبر 1989م .ثم تخللتهما وتلتهما اتفاقات جزئية تهم جوانب خاصة من حقوقه منها إعلن حقوق الطفل المعاق 1969م ،تصريح نيويرك 20ديسمبر 1971م بشأن حقوق المعاق ذهنيا ،ثم ُتّوج كل ذلك بجعل سنة 1981م سنة للمعاق ...كما صدرت اتفاقية لهاي في 29ماي 1993م بشأن حقوق الطفل الُمَتبّنى.... أما السلم فكان أسبق من غيره للعناية بالطفل و تسخير كل الطاقات لتوفير حياة متوازنة ،قادرة على إعداد رجل مستقبل سوي صالح .كما سنعرف ببعضها لحقا. فكيف إذن في ظل شريعة تدعو للعناية بالطفل وتهّيئ له كل الظروف العاطفية والمادية ليعيش حياة كريمة ،و في ظل قانون وضعي يدعو بإلحاح للهتمام بالطفل طاقة المستقبل ،تتحول جيوش من صغار السن في العالم
5
السلمي بأسره إلى فئات مهمشة ل تستفيد من الحقوق التي أقرها الشرع ،ول تلك التي استلهمها ُمعّدو القوانين الوضعية من عدالة السماء؟ ما هي أسباب انتشار ظاهرة الطفال المهمشين وعوامل ارتفاع أعدادهم؟ وما هي الحقوق التي تضمنها المجتمعات السلمية عمليا ،لفتيانها وفتياتها؟ وما مدى فعالية هذه الحقوق؟ هل يحتاج الوضع لحلول إضافية غير تلك التي اقُترحت وطبقت حتى الن ،أم أن الطفولة المحرومة َقَدٌر ل يمكن التهرب منه؟ سنحاول الجابة عن مجمل هذه التساؤلت من خلل الفصول التالية: * الفصل الول :من هم الطفال المهمشون * الفصل الثاني :الحماية الشرعية والقانونية للطفال المهمشين * الفصل الثالث :برامج مناهضة التهميش بالدول السلمية :أسباب الفشل * الفصل الرابع :استراتيجيات كفيلة بتقليص معاناة الطفال المهمشين
6
الفصل الول ن ُهم الطفال المهمشون مْ من خلل التسميات الكثيرة التي أدرجناها حتى الن :أطفال محرومون ،مهمشون ،مهملون اجتماعيا ،غير مندمجين ...يبدو جليا أننا نقصد بدراستنا كل الطفال من أي سن كانوا ـ قبل الرشد ـ يعانون من الحرمان أو عدم الستقرار النفسي أو العائلي أو الجتماعي أو القتصادي أو السياسي.... فعلمات التَكّيف أو الندماج تختلف حسب المرحلة التي يجتازها الصغير :إذ تأخذ شكل إقبال على الحياة بما يناسبها عادة ،كالقبال على اللعب والتعلم ،عدم رفض اللتزام اليومي بالتمدرس ،الستمرار فيه ،نمو التفكير والذكاء ،التجاوب ،تقبل نواميس الحياة الجتماعية.... بالمقابل فالتهميش يأخذ شكل حرمان من الطفولة ومن مباهجها ،حرمان من التربية والتمدرس أو حرمان من أبسط مقومات الحياة الكريمة ...ثم يأخذ عدم التكيف عدة أبعاد تختلف بحسب السن والجنس ...إذ قد يترجم إلى عزوف عن الدراسة أو رسوب ،أو هروب من المدرسة لينتهي المر في جل الحالت إلى انقطاع تام عنها ،وقد يأخذ شكل عصيان لوامر السرة أو الشخاص المسؤولين عن الطفل ...ويصل التمرد مداه عندما يوجه نحو النفس أو نحو المجتمع بكامله ،في صورة تعاط للمخدرات ،أو عنف ضد الطفال الخرين ،أو سطو وانضمام شح لن لعصابات إجرامية ،أو ممارسة الدعارة ...ومع التقدم في السن يتقن الطفل عديدا من وسائل الجرام فير ّ يصبح جانحا محترفا ،إذا لم يجد منقذا في أي مرحلة من المراحل الصعبة التي يجتازها. من ثم فإننا سنقوم بحصر فئات الطفال المهمشين في المجتمع نتيجة أسباب مختلفة ،ليقيننا بأنها الطريقة المثلى للتعريف بالطفل المهمش .ونحدد هذه الفئات فيما يلي :الطفال اليتام ،الفقراء ،المعوقون ،غير المتمدرسين ،المشردون ،النازحون ،اللجئون ،الممزقون عائليا ،الطفال غير الشرعيين ،المتكفل بهم ،الطفال المسَتوَلدون من تخصيب تقني)...أطفال النابيب(. أول :الطفال اليتام نقصد بالطفل اليتيم كل طفل َفَقَد أحد والديه أو كليهما .والمجتمعات السلمية تُعج باليتام وأعدادهم في تزايد مستمر بسبب ارتفاع أسباب الوفاة التي تمس البالغين بالخصوص ،بعد أن انضافت عوامل حديثة للعوامل التقليدية لوفيات الكبار ،كما سنبينه. ومن المؤكد أن الطفل اليتيم كان ،في ظل المجتمعات السلمية التقليدية ،يجد السند عادة في أفراد عائلته .أما مع تحولت الحياة الجتماعية ،فحصل تضييق للسرة وتباعد بين القارب ،حتى أضحى مستحيل تخيل وجود متكفل باليتام من بين أولئك. ومع أن الملجئ تحاول التخفيف من حجم الزمة إل أنها ل تستوعب جميع اليتام ول تشبع كل حاجاتهم ،كما أنها ل تغطي كافة المناطق .بهذه الطريقة أضحى مصير اليتيم مهددا ،بحيث ل يجد في حالت كثيرة عائل ،أو ل يجد مأوى سوى الشارع ،بكل ما يرافقه من مخاطر .من ثم أضحى الُيتم أحد عوامل التهميش والهمال وربما التشرد. ثانيا :الطفال الفقراء الفقرآفة بغيضة ومنتشرة بجل القطار السلمية .وهي ظاهرة تستوي فيها الدول التي انتهجت الرأسمالية وتلك التي اختارت الشتراكية .مما يدل على أن العيب ل يكمن في نظام أو آخر بقدر ما يكمن في سياسات التنمية المنتهجة حتى الن بجل القطار .وأن التفاوت المهول بين الفئات الجتماعية قد أفرز شرائح ،ما تزال في تزايد مستمر ،من الفقراء والذين يعيشون تحت عتبة الفقر. وغني عن البيان أن أكثر المتضررين من الفقر هم الطفال ،الذين يحرمون بسببه من أبسط الحقوق والحماية. فيضطرون عادة إما لمغادرة المدارس مبكرا أو لعدم ولوجها من الساس .كما يضطرون لبدء العمل وهم في ضا طريًا ،أو يضطرون للتسول والتشرد والجنوح ...ولعل هذا يكفي لبيان البعاد سن اللعب وعودهم ما يزال غ ّ الجتماعية ـ القتصادية للفقر. ومن الثابت أن معظم الطفال المحالين على العدالة ينتمون للفئات الجتماعية القل حظا ،وأن الفعال المرتكبة من قبلهم هي في الغالب أعمال سطو أو سرقات ،الغاية منها الحصول على مصدر للعيش ،بدافع الفاقة. ثالثا :الطفال المعاقون
7
<إن لفظ معاق يدل على كل شخص ل يملك القدرة على أن يضطلع بمفرده بكامل أو بعض متطلبات حياة شخصية أو اجتماعية طبيعية .وذلك بسبب نقص خلقي أو غيره ،في قدرته الجسمية أو الذهنية> .هذا التعريف تبنته هيئة المم المتحدة في إعلن 1969م لحقوق الطفل المعاق )م .(1 فالعاقة قد تكون عقلية أو جسدية أو حسية كما تكون ولدية أو مكتسبة ،ولكل منها أسبابها .والنتيجة أن خلقته أو اكتمال تكوينه الجسدي أو العقلي أو النفسي. حول دون اكتمال ِ العاقة تحد كثيرا من طاقات الطفل وت ُ فينتهي به المطاف للتهميش والحرمان من حظوظ الطفل السوي المتمتع بالظروف الطبيعية للنمو والرفاه و الندماج والنتاج.... رابعا :الطفال غير المتمدرسين مما يؤسف له أن العالم السلمي ،كما سنؤكد بالرقام ،يعاني من أعلى نسب المية ،مقارنة مع باقي دول العالم الثالث .وما زال حتى الن عديد من أطفاله البالغين سن التمدرس ل يلجون المدارس من الساس أو يغادرونها بعد وقت وجيز جدا ،خاصة بالبوادي والمناطق النائية ،ولسيما الناث. وإذا كان الكل يتفق على أن المجتمعات الحالية هي بصدد النتقال من مرحلة النتاج إلى مرحلة العلم والتكنولوجيا ،فالنتيجة الحتمية أن كل شخص لم يتسلح بالعلم مآله أن يعيش على هامش الحياة طوال عمره. ومعلوم كذلك أن الطفل المتمدرس يقضي جل أوقاته محروسا داخل المدرسة ،مما يحصنه ضد الرتماء في أحضان الشوارع بكل ما يكتنفها من مخاطر. ومن المؤكد أيضا أن المدرسة ُتَؤّمن للطفل نصيبا من التربية و التعليم يمكنانه من الفهم والدراك والندماج ومواجهة المستقبل ،ويحميانه من النحراف نسبيا .كما أن برامج التعليم عادة ما ُترَفق بأنشطة موازية ُيفِرغ فيها الطفل طاقاته المشحونة ،فيتخلص بهذه الوسيلة من شرور الكبت والضغط النفسي الناتج عن رفض عديد من النواميس أو عن صراع الجيال. خامسا :الطفال المشردون التشرد ظاهرة حديثة أفرزها التقدم الصناعي و ما رافقه من تحولت اجتماعية وتمركز في المدن الكبرى ونشوء أحياء عشوائية وبيئات غير سليمة ،ومن أزمات اقتصادية ،كالبطالة وانخفاض الدخل.... وإذا كانت الدول المتقدمة قد استيقظت مبكرا على ظاهرة التشرد وحاولت معالجتها بكافة الوسائل ،فمشكلة المجتمعات السلمية تبدو أكثر خطورة ،لكونها ما زالت تنظر للمشّرد بلمسؤولية ول وعي أو إدراك لخطورته على نفسه وعلى المجتمع ،وبدون تفهم لوضاعه. والطفل المشرد ل تكفي في حقه عبارات <مهمل أو مهمش أو غير سوي أو غير متكيف> ،لن وضعه في الواقع أخطر من ذلك بكثير .فهو يشكل في البداية خطرا على نفسه ومستقبله ،وعندما يزداد إتقانه للجنوح والجرام يتحول إلى خطر على المجتمع ككل .ومعلوم أن التشرد يرافقه عادة التمرد على الضوابط الجتماعية والقانونية .وهو يقترن في الذهان بالتسول وتعاطي المخدرات والنحراف وتعّلم وسائل الجرام المحتَرف.... سادسا :الطفال النازحون إن التشرد قد يكون من نتائج النزوح أيضا ،إنما هذا الخير له آثار أخرى بنفس الخطورة ،لذلك يجب إفراد حيز له .والنزوح أو الهجرة قد يكون داخليا ،انطلقا من نقطة معينة ،في اتجاه نقطة أخرى بحثا عن الستقرار و الطمأنينة و مصدر الرزق ،وقد يكون من دولة لخرى .وأسبابه مختلفة قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية....: فالمثال التقليدي للسباب القتصادية ـ الجتماعية ،الهجرة من القرى في اتجاه المدن .وهي الظاهرة التي ل تسلم منها نقطة في العالم ،إنما خطرها يزداد حدة في الدول النامية عنه في الدول المتقدمة .ومن المعلوم أن الطفل يعاني أكثر من غيره عند تغيير محيطه الجتماعي. وتأخذ مظاهر عدم التكيف شكل عدم الندماج في الوسط الحضري ،أو صورة انبهار أو رفض لنمط الحياة الجديد أو صعوبة تقبل ثقافة المنطقة المضيفة .ويقترن النزوح عادة بالعجز المادي ،بسوء المسكن وببؤس العيش .لذلك يبدو أن مختلف أسباب ومظاهر اللتكيف تتضافر هنا. وغني عن البيان أن الختلف مثال آخر للنزوح ويتمثل في الهجرة نحو الدول المصنعة ،بحثا عن العمل. العقائدي والثقافي والختلف في نمط الحياة كثيرا ما يخلق لدى الطفل تمزقا في تكوينه .فهو عادة ل يحتفظ بهويته الثقافية الصلية ،ول هو يستسلم بالكامل للثقافة الجنبية ،مما يمزق هويته الثقافية والعقائدية، ويعرضه للتهميش).(1 أما العوامل السياسية فتتلخص عادة في الحروب و التطاحنات الداخلية أو المتعددة الطراف .ولن نحتاج لتمحيص كبير كي نستخلص أن الحروب والنعرات العرقية التي عرفها العالم في السنوات الخيرة كان معظمها بالجنوب ،وجزء كبير منها بالدول السلمية أو بها أطراف مسلمة .ويكفي التمثيل بقضية فلسطين ،جنوب لبنان ،أزمة الجزائر ،الصومال ،أفغانستان ،البوسنة والهرسك ،أزمة ألبانيا ،أزمة إقليم كشمير الهندي ،إقليم كاراباخ ...إلى جانب حرب الخليج التي ما زالت آثارها باديًة للعيان .وقد نقلت لنا وسائل العلم صورا مفجعة
8
عن نزوح مليين البرياء من الطفال والعاجزين ،بحثا عن المن أو وسيلة للعيش .ناهيك عما خلفته وتخلفه من اليتام والمشردين والمعاقين.... وفي جميع الحالت وأيا كان سبب الهجرة أو النزوح الجماعي ،فالذي يؤدي أكبر الثمن هو الطفل .يؤديه على حْمله نحو الل تكيف مع الثقافة الجديدة .ويؤديه شكل اقتلع له من وسطه المألوف وحرمان من الستقرار و َ أيضا في صورة حرمان من القوت والستقرار ،ومن الدراسة.... سابعا :الطفال اللجئون هناك معاناة مشتركة بين هذه الفئة والسابقة ،وهي الحرمان من الستقرار .إنما الذي يميز هذه هو الحرمان حتى من حق المواطنة .بحيث في ظل ظروف سياسية بالمقام الول ،واجتماعية ،تضطر فئات كبيرة من سكان دول الجنوب للنزوح عن موطنهم الصلي ومغادرة أوطانهم بحثا عن مكان آمن ،وفرارا من حروب عرقية أو أهلية أو نزاعات داخلية ،أو إجلء لهم لطوارىء محتملة ...وغير ذلك من السباب والعوامل التي تجبر المواطنين على اللجوء إلى الدول المجاورة أو الدول الخرى. ومعلوم أن العالم يعج بمليين اللجئين ،جلهم من الجنوب .ومعلوم هنا أيضا أن أكبر المتضررين من اللجوء السياسي أو غيره هم الطفال ،الذين ـ بحكم تغيير القامة ـ يجدون أنفسهم فجأة في حضن ثقافة غريبة عنهم يصعب عليهم التعايش معها .كما أن ظروف اللجوء عادة ما تكون مزرية ،غير موفرة لبسط شروط الحياة الكريمة .فكيف يمكن لطفولة مثل هذه أل تكون محرومة اقتصاديا ،لمتكيفة اجتماعيا ،غير مؤهلة للمواطنة الصالحة مستقبل؟. ثامنا :الطفال الممزقون عائليا تمزق العلقات السرية قد يكون نتيجة وفاة أحد البوين أو كليهما ،أو نتيجة انفصام الزوجية بسبب طلق أو بسبب الهجر واليلء أو استحكام الخلف بين الزوجين .وفي جميع الحالت فالظروف المعيشية تتحول غالبا شّرع الزواج .وبالتالي فحياة إلى جحيم تذوب فيه علقات المودة والتعاطف والتكامل والستقرار التي من أجلها ُ الطفل التي ميزتها الطبيعية بالبراءة والصفاء تتحول إلى عذاب ،إلى حرمان من أبسط الحقوق ،لتنتهي رحلة العذاب هذه عادة إلى أزمات نفسية واجتماعية.... فمعلوم أن نسب الطلق والنفصال والخلفات آخذة في التفاقم في المجتمعات السلمية ،نظرا للتحولت الجتماعية ـ القتصادية ،وما يرافقها من صراع بين الثقافات ،صراع يزداد حدة في الزيجات المختلطة. والطفل في الماضي كان يجد السند والدعم لدى أفراد أسرته ولدى المحسنين في المجتمع ،أما مع تعقد الحياة ضنك العيش ،وتغلب الحياة المادية على الحياة الروحية ،فأضحى الطفل الممزق عائليا ل يجد له الجتماعية و َ من ملذ سوى الشارع ،يحتضنه ،يتكفل به ليتعلم في ثناياه كل السلوكات الخطيرة والمهّددة لطفولته البريئة ولمستقبله ،والمهّددة للمجتمع ،عندما ينتقل الطفل من براءة الطفولة إلى الجنوح والتشرد.... تاسعا :الطفال غير الشرعيين )(1 هذه الظاهرة ليست جديدة ،إنما الجديد فيها تفاحشها المهول ببعض المجتمعات السلمية .فأسبابها التقليدية ما زالت قائمة ،وانضافت لها أسباب أخرى حديثة ،مرّدها النفتـاح اللمحدود الذي يصل أحيانا حد النحلل، وتزايد جرائم العرض والغتصاب ...وزاد المر حدة مع الزمات القتصادية وتفاحش المادية ،عندما اضطرت عديد من الفتيات لبيع أعراضهن إما لكسب لقمة العيش أو للبحث عن الثراء والرفاهية.... وبديهي أن السلم يعتبر الزواج المجال الشرعي للتناسل .ويلحق بالزواج القرار بالبنوة ،كوسيلة للحاق النسب ،إذا توفرت شروطه و لم يكّذبه عقٌل أو عادة ،كما سنبين لحقا .لذلك فكل طفل ُولد خارج هذا الطار ُيعّد غير شرعي .وإذا كان أول حق للطفل هو الحق في النتساب لسرة ،فالطفل غير الشرعي يأتي للدنيا محروما ب شرعي يمنحه نسبه ،ومن العائل وربما أيضا من الحاضن .فعادة ترك حتى من هذا الحق ،محروما من أ ٍ هؤلء الطفال بالماكن العمومية ،أو المستشفيات معروف لدى الجميع بما يغنينا عن الثبات. إنما النتيجة الحتمية ،مهما اختلفت الظروف ،أن الطفل غير الشرعي ينمو عادة عاجزا عن التكيف مع المجتمع، بسبب ما يعانيه من أزمات نفسية ـ اجتماعية ومادية ،أزمات تنعكس على حقه في التعليم والستقرار ...وفي جم كل ذلك إلى سلوك النهاية قد ل يجد له من مأوى سوى الشارع ،يتعلم فيه كيف يتمرد على المجتمع .فيتر َ ف للقيم المتعاَرف عليها .ويلتحق بآلف الطفال الذين تجمعهم ظروف واحدة ،هي الهمال من طرف منا ٍ مجتمعهم. عاشرا :الطفال المتكفل بهم )المتبنون( إن لئحة الطفال المعددة أعله قد يجمعها أحيانا قاسم مشترك وهو البعاد عن السرة الحقيقية .والمحظوظون منهم قد يجدون أسرة أخرى تتكفل بهم .إنما السؤال هو هل فعل يندمجون في أسرهم المستعارة ،وهل يتحقق لهم بالفعل كل ما يتحقق للطفل في الظروف الطبيعية؟. الجواب السطحي سيكون هو اليجاب .أما التحليل المعمق فيبين أن عديدا من الطفال المتَبّنين أو الُمنّزلين أو المَتَكّفل بهم يتعرضون بدورهم لصناف من المعاناة .ذلك أن الطفل <المتبّنى> عادة ل يحمل اسم السرة التي تكفلت به .وعندما يبدأ في إدراك بعض المور ل يلبث أن يطلع على واقعه الُمّر ،فيعرف أنه ليس ابنا حقيقيا
9
للسرة التي <ينتسب> لها .ول يخفى مقدار ما يثيره ذلك من صدمات ،تهدد مستقبل الطفل المتبّنى ...ناهيك عن معاناته من نظرة الحتقار التي ينظر بها المجتمع للطفل المتبّنى عموما ،معتبرا إياه دائما ابن زنى ،مع أنه قد ل يكون كذلك.... حادي عشر :الطفال المسَتوَلدون من تخصيب تقني )أطفال النابيب( وكأن العالم لم َتكِفه الفواج الضخمة للطفال غير الشرعيين والمتخلى عنهم ،فاستحدث وسائل أخرى للستيلد ،تساهم في تكثير أعدادهم. ومعلوم أن الدعم الطبي للنجاب ليس محرما شرعا ،لكن بشرط أل يؤدي إلى حشر طفل غريب في أسرة ليست له ،وبالتالي خلط النساب. جد بنطف مانح أجنبي .وإذا كانت فكثيرا ما يكون أحد الزوجين عاجزًا عن إفراز النطف اللزمة للنجاب فُيستن َ ى عنها، الدول الغربية عرفت وباتساع عادة التبرع بالنطف ،فل يجب العتقاد بأن المجتمعات السلمية في منأ ً بل إن الظاهرة بدأت تشغل حيزا آخذا في التساع ،مما يرشح أعداد الطفال المتأتين من مني رجل غريب أو بويضة امرأة أجنبية أو رحم مستعار ،للرتفاع .وعندها ستصبح الظاهرة غير مقدور عليها .ومن ثم فأنسب حل هو التصدي لها قبل أن تستفحل فيستعصى الداء ويعز الدواء. حق بالطفل غير الشرعي .وسواء أنكرته السرة التي تحتضنه أم ل، والطفل المستولد من نطف مانح أجنبي ُيل َ فإنه معرض لمعرفة نسبه الحقيقي .وهو أمر ل يخلو من أزمات ل تختلف في شيء عن أزمات الطفل غير الشرعي .حيث يصعب التنبؤ بنوعية ردات فعله عند معرفته الحقيقة ،ول طبيعة تمرده المحتمل. طبيعي جدا ،بعد الذي أوردناه ،أن نستخلص أن كل حرمان يتعرض له الطفل يعرضه للتهميش ،سواء كان حرمانا من الحقوق المادية أو المعنوية :فالحرمان من الحاضن يهدده ،والحرمان من الطاقات الجسدية والعقلية و الحسية أيضا يهمشه ،وكذلك الشأن بالنسبة للحرمان من الهوية أو النسب أو السرة أو الستقرار أوالموطن.... أما وقد حددنا من يكون الطفل المهمش ،فيحق لنا أن نتساءل عن الحماية التي يضمنها له الشرع السلمي والقوانين الوضعية ،وهو ما سنحاول الجابة عنه في الفصل الموالي: الهوامش: ) (1إن عديدا من البحاث والدراسات قد أجريت حول الجاليات السلمية في المهجر ،وأنشئت من أجلها هيآت تحاول إحداث تقارب فكري بينها وبين المجتمعات الصلية أو المضيفة ،وفهمها ومساعدتها على حل مشاكلها. يراجع مثل :وفاء بنفضول :الشكالية القانونية لعودة وإعادة اندماج العمال المهاجرين المغاربة :رسالة ماجستير ،كلية الحقوق ،الرباط.95-1996 ، ) (2للتوسع يمكن الرجوع إلى :أحمد أجوييد :جريمة الزنى في الشريعة السلمية والقانون المغربي، أطروحة ،كلية الحقوق ،الرباط.85-1986 ، ******
10
الفصل الثاني الحماية الشرعية والقانونية للطفال المهمشين إن المقارنة بين الشرع والقانون الوضعي لها ما يبررها ،فالسلم دين الفطرة السليمة والمنطق والسمو حس حضاري جعلها تنبذ كل ما تستقبحه الفكري ،والشعوب المتقدمة لم تقّر الحقوق إل بعد أن أضحى لها ِ الفطرة والمنطق .لذلك يبدو منذ الوهلة الولى ،أن المقارنة ستكون مثمرة. وسوف ُنَعّدُد في البداية حقوق الطفل عامة )المبحث الول( ،لنستطيع بعدها التعرف على أي منها يفتقده الطفل المهمش ،وما إذا كانت وضعية هذا الخير تقتضي أن تفرد له حماية إضافية )المبحث الثاني(:
المبحث الول :حقوق الطفل عامة لعل الذي أعاد طرح الجدال حول حقوق الطفل هو بالساس تغير النظرة إليها .فبينما كان ينظر لها ـ في ظل القانون الروماني ـ كحقوق للكبار على الصغار وكسلطة أبوية ،إذا بالية تنعكس ـ في القرن الماضي ـ فينظر للصغار على أنهم محّل للتربية ل للسلطة ،وعلى أنهم المستحقون أكثر للحقوق على الكبار ،على أن الحضانة واجبات والتزامات ل مجرد حقوق. ويبدوأن هذه النظرة في طريقها إلى التعميم بعد أن صاغت هيئة المم المتحدة مجموعة من المواثيق ،بشأن حقوق الطفل التي أشرنا لبعضها ...فصادقت دول عديدة عليها ،متبنية بذلك الصيغة الحديثة لحقوق النسان. وبديهي أن انضمام الدول السلمية إلى المجتمع الدولي فرض عليها احترام الحقوق التي كرستها جل القوانين المقارنة والمواثيق الدولية .وإن الشراكة التي تسعى إليها غالبية دول الجنوب ،والتعاون المشترك ،ومساعدات الشمال ،كلها أمور أضحت مرهونة بإثبات مدى احترام دول الجنوب للحقوق المعترف بها للمواطن ،وفقًا لمفاهيمها وأبعادها الدولية. لكن نظرا لتعدد الدول السلمية ،فالتعريف بقانون كل دولة على حدة أمٌر دقيق) .(1من جهة أخرى فحقوق الطفل أضحت كثيرة ،ولئحتها لم تتوقف عن الطول ،ودراستها المستفيضة تتطلب عدة مئات من الصفحات، لذلك نكتفي بالتركيز على أهمها .وسندرس فيما يلي حقوق الطفل من منظور الشرع والقانون الوضعي. أول :الحق في الحياة والمجيئ إليها تعمدنا استعمال عبارة <الحق في المجيئ للحياة> لن الشرع والقانون يحميان الطفل حتى وهو جنين ،فنقول إن الجنين يتمتع بحق المجيئ للحياة .وهذه الحماية تتمثل في تجريم جل الدول للجهاض ،بتفاوت طبعا، والموضوع يأخذ أحيانا طابعا سياسيا .إنما المهم في المر أن حق الجنين في المجيئ للحياة موجود ،معترف به ،ويتقوى كلما زاد عمره.... والحق في المجيئ للحياة الذي ابتدعته القوانين مؤخرا ،هو في الواقع مجرد إحياٍء لما ناله الموضوع من فيض في المناقشة في عهود السلم الزاهرة .وقد تولى الشرع السلمي حماية حياة الجنين بشتى الوسائل ،واعترف له بالذمة المالية ،الموقوفة طبعا ،وجازى العتداء عليه بالعقاب والدية والكفارة.... فالمصدر الشرعي لحماية الجنين آيات وأحاديث حرمت القتل بغير حق ،وتحدثت عن الخلق والتخليق) .(2وعلى ضوئها بذل العلماء جهودا للتعرف على بدء حياة الجنين وتطورها ،مستعينين بما استقر عليه الطب آنذاك).(3 ض مطلقا أيا كان عمر الجنين ،فيما تدرج البعض الخر في التعامل معه ...وأساس فحّرم البعض الجها َ الختلف تعدد مراحل التخليق ،وتعدد اليات والحاديث في الموضوع...أما بعد نفخ الروح فالكل يجمع على التحريم ،ما لم يكن الجهاض ضروريا لنقاذ الم .ونجمل مواقف الفقه فيما يلي: ) فجل المالكية والحنابلة يحرمون الجهاض منذ التخصيب ،أي والجنين في مرحلة النطفة المشاج ،معتبرين التخليق يتم منذئذ .ثم تزداد شدة التحريم بعد اليوم الربعين من التلقيح .وسندهم آية} :إنا خلقنا النسان من نطفة أمشاج{).(1 حل والحرمة .فيباح ) أما الشافعية فيحددون اليوم 42من التلقيح كبداية للتخليق ،وبالتالي الحد الفاصل بين ال ّ الجهاض قبل ذلك ويحرم بعده .استنادا لية } :خلق النسان من علق {).(2 وحديث< :إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث ال ملكا فصورها وخلق سمعها وجلدها ولحمها وعظامها، ي ربي أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك>)رواه البخاري في كتاب بدء الخلق(. ثم يقول أ ْ حل والحرمة ،اليوم ،120أي أربعة أشهر بعد ) وُيعد الحنفية الكثر تسامحا ،إذ جعلوا الحد الفاصل بين ال ّ التلقيح ،وهي فترة نفخ الروح .فقبلها يجوز الجهاض لي سبب ،وإن كان هنالك من اعتبره مكروها بعد اليوم
11
الربعين .أما بعده فالجهاض محّرم .وسندهم حديث< :إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ،ثم يكون علقة مثل ذلك ،ثم يكون مضغة مثل ذلك ،ثم يبعث ال إليه ملكًا...ثم ينفخ فيه الروح.(3) >... ) ويبدو الرأي الكثر اعتمادا هو رأي المام الغزالي من الشافعية الذي أقام أحكاما متدرجة بحسب تطور الجنين .إذ يرى أنه عندما تستعد اللقيحة لستقبال الحياة فإفساد ذلك جناية ،فإن صارت نطفة كانت الجناية أفحش ،وإن نفخت فيها الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشا ،ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد النفصال حيا.(4). ومما يستحق التقدير المجهود الذي قام به الفقهاء والعلماء قديما لتبيان مراحل التخليق .بحيث انتهوا للتمييز س ول إرادة ،وإنما له حركة النمو ح ّ بين الحياة النباتية والنسانية في الجنين .فقبل نفخ الروح ليس له برأيهم ِ والغتذاء كالنبات ،فلما تنفخ الروح تنضم حركة حسيته وإرادته إلى حركة نموه واغتذائه).(1 على أن الحماية تصل ذروتها إذا ولد الطفل حيًا ،فيكتسب لتوه الحق في الحياة .ويتساوى بمجرد الوضع تمام المساواة مع أية نفس بشرية .وهنا أيضا تتعدد اليات والحاديث الناهية عن المساس بحياة الطفل خشية صل السلف القول في جزئيات حياة الصغير سواء فيما يتعلق ببدء الحياة أو الملق أو لي سبب آخر) .(2وقد ف ّ الحماية أو الجزاء أو الدية أو الكفارة ).(3 ثانيا :حق الطفل في الحرية إن عهد الرق وّلى فأضحى مجرد الحديث عنه ذكرى مؤلمة .وحصل إجماع من القانون المقارن والوفاق حّد من حرياتهم لي سبب كان ولو في زمن الدولية )اتفاقية 1989م( ،على تجريم كل اعتقال للطفال أو َ الحرب. والسلم لما جاء كانت العبودية نظاما سائدا ،فسلك سياسة متدرجة حكيمة للقضاء عليها .فيما كان ُبعُده ظفت وسائل عديدة لتحرير الرقاب في زمن السلم المستقبلي هو استئصال الظاهرة من أساسها .ومن أجل ذلك ُو ّ والحرب معا. ظف تحرير الرقاب ككفارة عن عدة ذنوب ،منها: فمعلوم أن السلم و ّ .1القتل الخطأ }وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إل خطأ ،ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ،إل أن يصدقوا .فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن ،فتحرير رقبة مؤمنة .وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ،فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من ال{... )سورة النساء :اليتان 92و .(93 .2الحنث في اليمان }:ل يؤاخذكم ال باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عّقدتم اليمان ،فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة{ )سورة المائدة :الية .(89 .3الظهار} :والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة { )سورة المجادلة :الية .( 3 .4الفطار المتعمد في رمضان :إذ ورد في حديث رواه يحيى عن مالك عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ،عن أبي هريرة أن رجل أفطر في رمضان ،فأمره رسول ال أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين ،أو إطعام ستين مسكينا)...أخرجه :البخاري :كتاب الصوم ،مسلم :كتاب الصيام(. .5كما جعل عتق الرقاب أحَد أهم أبواب إنفاق أموال الزكاة ...} :و آتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى ت للفقراء ن السبيل والسائلين وفي الرقاب) {...سورة البقرة :الية } ،(177إنما الصدقا ُ والمساكين واب َ والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب){...سورة التوبة :الية .(60 وذلك إلى جانب الحث على العتق من باب التصدق والحسان } :فل اقتحم العقبة .وما أدراك ما العقبة .ف ّ ك رقبة) {...سورة البلد :اليات 11و 12و ،(13والحاديث في الباب كثيرة ).(1 وبالمقابل وضع الشرع سياسة متناسقة لنزع فكرة السترقاق من الذهان إطلقا ،واستبدالها بنظام الحرية والتساوي فيها بين جميع البشر ،وفي نفس الوقت إعادة العتبار للعبيد المحّررين .وسوف نعود للموضوع فنثبت المكانة التي احتلها الموالي في السلم. وفعل أفلح النظام الشرعي في تحرير الرقاب وإحلل مبادئ الحرية محل العبودية .فتلشت مع توالي السنين، سْبي والغلمان و الماء ...وبنيت أواصر الحق في الحرية ،فأضحى حقا مكّرسا ومحميا، عادات أسواق العبيد وال ّ ل يجوز العتداء عليه .وأقيمت قواعد التنشئة والتربية على أساس التساوي بين بني البشر ،عربا وعجما) ،ل فضل لعربي على أعجمي ول لبيض على أسود إل بالتقوى( ،كما ورد في الحديث الصحيح .وبالتدريج اعُتِرف للطفل بحقه التام في حريٍة تولد كاملة مع ولدته .فتّوج ذلك بقولة عمر بن الخطاب رضي ال عنه الشهيرة: <متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا>. ثالثا :حقوق تهم الوضعية القانونية للطفل يتميز النسان عن باقي المخلوقات في أنه ليعيش طبيعيا ،يحتاج لهوية قانونية .ومكوناتها الساسية هي السم والنسب والجنسية .وقد ألزمت جل القوانين البوين بتسجيل هوية الطفل في سجل رسمي ،معتبرة كل تحريف جّرمًا. في الهوية ِفعل ُم َ
12
ينضاف لذلك الحق في أن تكون له أهلية للغتناء ،والحق في ذمة مالية مستقلة ومع أن الهلية تبدأ ناقصة، فهي تتقوى مع نمو الطفل ،لتكتمل مع الرشد .وخلل فترة القصور هذه يتمتع الطفل تلقائيا بالحق في أن يكون له نائب شرعي سواء كان وليا )أي الب و الم( أو وصيا )إذا أوصى أحد الوالدين بالولية لشخص آخر( أو المقدم )أي القاضي أو الشخص الذي ينيبه( .وفي جميع الحالت فالنائب الشرعي يتولى رعاية الصغير وصونه، شد. والتصرف في أمواله ،واتخاذ القرارات نيابة عنه ،والتعبير عن إرادته ،إلى أن َير ُ والسلم هنا أيضا كان أسبق من غيره لحماية و حفظ هوية الطفل .إذ حث على منحه اسما محّببا للنفس ،وَمَنع السم الفسوق والتنابز باللقاب} :ول تلمزوا أنفسكم ول تنابزوا باللقاب بئس السم الفسوق بعد اليمان{ )سورة الحجرات :الية .( 11ثم أقر للطفل حق النتساب لسرته ،وجعل ذلك واجبا دينيا ودنيويا على عاتق الباء }ادعوهم لبائهم هو أقسط عند ال { )سورة الحزاب :الية .(5 حد ولده .فلخص ذلك حديث: لكن نظرا لصعوبة معاقبة نكران النسب ،أقام الشرع عقوبات أخروية تلحق جا ِ <أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه ـ أي يعلم أنه من صلبه ـ احتجب ال تعالى منه وفضحه على رؤوس الولين والخرين يوم القيامة>)أخرجه النسائي :كتاب اليمان والنذور :باب التغليظ في النتفاء من الولد(. وعزز ذلك بأوامر موجهة للبناء بالنهي عن نكران البوة< :ل ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو عى إلى غير أبيه ،وهو يعلم أنه غير أبيه ،فالجنة عليه حرام> )رواهما البخاري كفر> ،ويقابله حديث< :من اّد َ في كتاب الفرائض ،ومسلم في كتاب اليمان(. وذلك إلى جانب أوامر أخرى موجهة لعامة الناس بالنهي عن الطعن في النساب< :اثنان في الناس هما بهم ُكفٌر :الطعن في النسب)>...رواه مسلم :كتاب اليمان( ،مصداقا لقوله تعالى} :والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا{ )سورة الحزاب :الية .(58 رابعا :الحق في الهوية الثقافية العقائدية إن اتفاقية 1989م )بشأن حقوق الطفل( تعتبر عهدا جديدا ،لحرصها على حماية حقوق الطفل عندما تختلف هويته العقائدية والثقافية عن ثقافة الدولة الُمضيفة أو عن عقيدة الوالدين أو أحدهما ،خصوصا عند انفصالهما ...هنا بالذات حاولت إيجاد حلول توفيقية ،كي ل تضيع حقوق الطفل بسبب الخلفات. كما حثت على تكييف برامج التعليم مع هوية المتمدِرس ومعتقده ،وإغنائها بمواد تزرع فيه روح التعاون والتسامح مع الجنس الخر ومع الشعوب والمم الخرى ...واستلزمت كذلك احترام القليات المقيمة بالوطن، ونبذت كل تمييز بين الطفال على أي أساس كان. سلم فاجنح والسلم كان السبق لقامة مبادئه على أساس احترام باقي الديانات والتعايش معها} :وإن جنحوا لل ّ لها وتوكل على ال{ )سورة النفال :الية ،(61وعدم إرغام الناس على اعتناق السلم كرها} :ل إكراه في حكم بليغة بينت ي{ )سورة البقرة :الية .(256وقد ورد في الحاديث والثار ِ الدين قد تبين الرشد من الغ ّ ق الفاتحين وأن الخروج عنه كان خل َ بوضوح طرق التعامل مع غير المسلمين ،وكيف أن السلم كان واجبَ و ُ منافيا لتعاليم الدين. بل إن حسن معاشرة غير المسلم كان أحد أعمدة نشر الدعوة وتحبيب السلم للناس وتعريفهم بخصاله} :ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة{ )سورة النحل :الية } ،(125ول تجادلوا أهل الكتاب إل بالتي هي ظا غليظ القلب لنفضوا من حولك{ )سورة آل عمران:الية أحسن{ )سورة العنكبوت :الية }(46ولو كنت ف ً ...(159كما أقام السلم قواعد للتعامل مع باقي المم ،ساعيا لتحقيق المن والستقرار .فاعتمد مبدأ المعاهدة، بحيث حالما تعطي دولة السلم المان والعهد لقوم ،إل واكتسب هؤلء حرمة وذمة ،وُمِنَع العتداء عليهم أو المساس بحقوقهم أو أموالهم .وفي الباب أحاديث كثيرة ،منها<:من قتل نفسا ُمَعاهدا ،لم ُيَرح رائحة الجنة ،وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما>)أخرجه البخاري في كتاب الديات وكتاب الجزية( ،وفيه أيضا< :من قتل نفسا ُمَعاهدا في غير ُكْنِهه حرم ال عليه الجنة> )أخرجه أبو داود في باب المعاهدة(.... على أن العتداء على المعاَهد ل يرتب الجزاء الخروي فحسب ،وإنما أيضا جزاءات دنيوية .وقد أجملت ذلك آيات من سورة النساء...} :فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم ...إل الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ،أو صرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ...فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السَلم ،فما جاؤوكم ح ِ جعل ال لكم عليهم سبيل ...ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ،ودية مسلمة إلى أهله ...فإن كان من قوم عدّو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ،وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة...ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل ال فتبينوا ،ول تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا ،فعند ال مغانم كثيرة{ )سورة النساء :اليات .(89-94 وانسجاما مع نفس المبدأ قال الرسول صلى ال عليه و سلم< :ديـة المعاهد نصف دية الحر>)رواه أبو داود: كتاب الديات ،باب دية الذمي( .وكما أن لنفس المعاَهد حرمة ،فكذلك أمواله ،ل يصح المساس بها لكونها متقّومة ل مستباحة. خامسا :حقوق الطفل على السرة
13
الحق في النتساب لسرة ل يتوقف مداه عند حمل اسمها ،وإنما يتعداه إلى مجموعة حقوق يكتسبها الطفل بمجرد ولدته ويتحملها البوان .وعلى رأسها حقه في البوة والمومة .وحسب جل التشريعات الوضعية تثبت بنوة الطفل متى كان ثمرة زواج شرعي صحيح .إنما إنصافا للطفل يثبت النسب أيضا بالقرار أو العتراف ،مع تفاوت وتباين بين القوانين في طرق العتراف وحدوده. ونذّكر بأن حق السرة في حضانة الطفل واجب ومسؤولية أكثر منه حقا .ذلك أن اتجاه القانون المقارن والوفاق الدولية سائر نحو تحميل السرة بواجبات الرعاية والحضانة والتربية والنفاق والتدريس والتحسيس بالمان والدفء ،بهدف تحقيق نفسية سوية للطفل. نفس القواعد أقرها السلم مبكرا .والحاديث في الباب كثيرة: ) فمنها ما يلزم الباء بحسن التربية وإعطاء المثال في سمو الخلق< :كل مولود يولد على الفطرة ،فأبواه يهودانه،أوينصرانه ،أويمجسانه) >...رواه البخاري( ومنها ما يلزمهما بالعناية والرعاية والصحبة والمراقبة: ب ابنك سبعا وأدبه سبعا ورافقه سبعا ،ثم اترك له الحبل على الغارب>) ...(1كما بينت أحاديث أخرى طرق <َر ّ التنشئة السليمة وأصولها ،جاعلة من السهر على التربية عمل يفوق في أجره وثوابه كل أعمال البر والحسان. ) وُتّوج ذلك بتحميل البوين كليهما المسؤولية عن التقصير في واجباتهما تجاه أبنائهما أو من تحت كفالتهما ع ومسؤول عن رعيته ،والرجل راع في أهله وهو من الطفال< :كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ،المام را ٍ مسؤول عن رعيته ،والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها) >...رواه البخاري ومسلم(. ) والمر بالنفاق على البناء وارد في القرآن والسنة ،كما أشرنا .فاعتبر الشرع من أعظم الثام إضاعة النسان حقوق من تحت كفالته< :كفى بالمرء إثما أن يضّيع من يقوت )وفي رواية :أن يحبس عمن يملك قوته، رواه أبو داود :كتاب الزكاة ،مسلم :كتاب الزكاة :باب فضل النفقة على العيال(.... ) كما حض على طلب العلم<:طلب العلم فريضة على كل مسلم> )رواه البيهقي في شعب اليمان(< ،اطلبوا العلم ولو بالصين>)رواه ابن عدي والبيهقي في المدخل والشعب ،(.والحاديث والثار في الباب كثيرة، وحسبنا التأكيد على أن الشرع يأمر بطلب العلم من المهد إلى اللحد) .(2وبما أن الخطاب ل يمكن توجيهه للوليد في المهد ،فالمعنى الوحيد هو أن المر موجه للباء والولياء لتعليم من تحت كفالتهم. ) وبما أن المرأة هي المدرسة الولى التي يتعلم في أحضانها الطفل مبادئ التربية ،فقد حرص الرسول#على تخصيص يوم من السبوع للنساء من أجل تعليمهن ،ثم أمرهن بتنشئة أبنائهن على المبادىء السلمية التي حفظنها عنه .بحيث روي أن النساء اجتمعن فعلمهن الرسول مما علمه ال ثم قال< :ما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلثة ،إل كان لها حجابا من النار> فقالت امرأة منهن :يارسول ال؟ اثنين؟...قال< :واثنين واثنين واثنين>)...(1 سادسا :حقوق الطفل على الدولة أضحى دور الحكومات أكثر فعالية من السابق .فبدأت تترسخ في الذهان وسياسات عديد من الدول فكرة أنه: قبل أن تكون للدولة حقوق على مواطنيها وقبل أن تْأمَل في أن يكون لها مواطنون صالحونُ ،تلَزم بتوفير الظروف الكفيلة بتكوين أطفال أسوياء ورجال غٍد مقتدرين .من ثم أقرت غالبية الدول حق الطفل في التربية والتعليم ،في الصحة ،في إغنائه عن العمل ،وإذا ما اقتضى الحال أن يشتغل ،فيلزم تحقيق ظروف عمل تلئم نعومته.... والمسؤولية عن الرعية في السلم ،ل تقتصر على تحقيق المن ،وإنما تتعداه لدقائق المور .فبمجرد الشروع جِعل من التعليم غاية سامية في بناء أولى أواصر الدولة السلمية ،أقيمت بنيات تحتية كانت مثالية ،بحيث ُ ظفت من أجلها جميع الوسائل) .(2حتى أبيح أن يكون تعليم القراءة والكتابة وتعليم القرآن أجرا ،ومهرا، ُو ّ وفدية من السر) .(3من جهة أخرى اعتبر تعّلم المهن والتطبيب وممارستهما فرض كفاية ،إذا تعلمه البعض سقط عن الباقين .بهذه الوسائل وأخرى ،انتشر العلم بديار السلم ولقي العلماء كثيرا من التكريم والحظوة. وأحِدثت وسائل لتمويل العمال الجتماعية ،منها الزكاة والوقف والصدقات والفيء.... ذلك إذن مجمل مركز عن حقوق الطفل .يحق لنا بعده أن نتساءل عن أي منها يفتقده الطفل المهمش ،وما إذا كان يحتاج لعناية خاصة من المشرع: الهوامش ) (1لذلك نحيل من يريد التوسع فيها على المراجع الوطنية لكل بلد ،وعلى أخرى في القانون المقارن ،مثل: Travaux de lص Association H. CAPITANT: La Protection de lص Enfant: Journées Egyptiennes: T. XXX, 1979, (702 p.); Françoise DEKHEUWER-DEFOSSEZ: Les Droits de lص ....(.Enfant: Que sais-je:1996 (126. p جر ،26 حْ ) (2انظر في هذا المعنى آيات كثيرة :آل عمران 59؛ النعام ،2الروم ،20فاطر ،11غافر ،67ال ِ المؤمنون ،14-12النسان 2؛ َيس 77؛ السجدة 32؛ عبس ....18
14
) (3للتوسع تراجع رسالتنا لنيل شهادة الماجستير حول قتل الرأفة أو الخلص Euthanasieدراسة قانونية مقارنة .كلية الحقوق ،الرباط1987،م ،ص 192وما بعدها ،محمد علي البار :خلق الجنين بين العلم والقرآن: القاهرة1980 ،م ،د .محمد حسن ربيع :الجهاض في نظر المشرع الجنائي :القاهرة :دار النهضة1995 ،م.... ) (4سورة النسان :الية .2 ) (5سورة العلق :الية .2 ) (6رواه البخاري ومسلم في كتاب القدر.... ) (7أبو حامد الغزالي :إحياء علوم الدين ،ج ، 2ص.65 : ) (8ابن القيم :التبيان في أقسام القرآن :ص ، 255وفي مثل قوله يراجع :ابن حجر العسقلني :فتح الباري في شرح صحيح البخاري :كتاب القدر ،ج ،11ص .481 )} (9ول تقتلوا أولدكم من إملق ،نحن نرزقكم وإياهم{ )النعام } ،(151ول تقتلوا أولدكم خشية إملق ،نحن خطءًا كبيرا{ )السراء }،(31وكذلك زين لكثير من المشركين قتَل أولدهم نرزقهم وإياكم ،إن قتلهم كان ِ شركاؤهم )النعام .{(137 ) (10للتوسع يراجع :محمد أبو زهرة :العقوبة في الفقه السلمي ،نظام الدين عبد الحميد :جناية القتل العمد، أحمد فتحي بهنسي في مؤلفاته عن الفقه الجنائي السلمي.... ) (11يراجع في ذلك ، :صحيح البخاري :باب الكفارات ،صحيح مسلم :باب فضل العتق ،الموطأ :كتاب العتق.... ) (12رواه البيهقي والطبراني .ويحمل هذا الحديث معان علمية دقيقة أثبتها العلم الحديث بحيث قابل كل مرحلة من مراحل الطفولة بما يلئمها من أصول التنشئة .فمعلوم أن الطفل في سنواته السبع الولى يكون بحاجة للمداعبة والتسلية ،ثم بعدها يحتاج للتنشئة والتعليم والتربية السليمة ،وعندما يتمها يكون قد دخل حتما طور المراهقة ،بما تحمله من مخاطر ،فيحتاج للمصاحبة والمرافقة إلى أن يجتازها.... ) (13رواه البيهقي. ) (14رواه البخاري في كتاب العتصام بالكتاب والسنة :باب تعليم النبي أمته من الرجال والنساء. ) (15يضيق المجال عن ذكر اليات ولحاديث والثار الكثيرة التي وردت في مجال العلم ،لذلك نكتفي بالحالة عليها في كتب الفقه والحديث ،التي أفردت في غالبها بابا أو كتابا خاصا بفضل العلم والتعّلم والتعليم. ) (16إن كتب الفقه مليئة بالمثلة عن ذلك ،حيث كان يطلب من السرى أن يفتدوا أنفسهم بتعليم أهل دار السلم ،كما أجاز الرسول و حبذ أن يكون المهر بضع آيات من القرآن يعلمها الزوج لزوجته.... *********
المبحث الثاني :حقوق الطفل في الظروف غير العادية أو حقوق الطفل المهمش في المساواة مع الطفل العادي إن القاسم المشترك بين جميع الطفال المهمشين هو عدم التكيف مع الواقع .ومعنى هذا أن لوائح الحقوق المعددة أعله غير كافية للجابة على احتياجاتهم وقضاياهم .من ثم افترضنا سلفا أن اندماجهم يقتضي دراسة خاصة لوضعية كل فئة ،إن أردنا فعل التعرف على مصادر الحرمان ،وترجمتها إلى حق َيلَزم التكفل به. فما من شك في أن الستثمار في ميدان الطفولة ذو مردودية عالية على المدى المتوسط والبعيد ،لذلك يجب على الدول تبني برامج جريئة في الميدان .إنما ولكون الخطط الجتماعية والسياسية والقتصادية تحتاج في نهاية المطاف للدعم والتطبيق .فالعماد الساسي هو اللة التشريعية ،أي تكريس حقوق الطفل من قبل المشرع. بمعنى أن أول خطوة هي ضرورة تكييف لوائح الحقوق مع وضعية الطفل في الظروف غير العادية ،من أجل تقريبه من الطفل العادي ،وتحقيق تكيفه مع ضوابط المجتمع. وسبق أن حددنا أهم أسباب عدم التكيف ،وخلصنا إلى أن كل فئة تفتقد جزءا من مقومات الطفولة العادية .من ثم فلتحقيق احتياجها يجب العتراف لكل منها بحقها فيما ينقصها .على أن عوامل التهميش مهما اختلفت فهي تؤدي في الغالب إلى نفس النتائج :الحرمان من النسب أو الهوية أو السرة أو العائل ،من التمدرس ،من الستقرار ،من حق المواطنة ...لذلك سنحاول تركيز على ما يحتاجه الطفل المهمش من حقوق إضافية فيما يلي: أول :حق الطفل غير الشرعي في النسب العتراف بالنسب الشرعي وحده ،ليس المقصود منه أن يعيش الطفل غير الشرعي بدون اسم ولهوية .فالذي سعى إليه السلم ليس محاربة الطفال غير الشرعيين أو نبذهم ،بل سعى لمحاربة اختلط النساب وزواج المحارم وشيوع الفاحشة واستشراء الزنى) ،(1أي استئصال الشر من جذوره. حرصهم على إلحاق البن بنسب الزوج متى وجدت قرينة على ومن خلل مطالعة اجتهادات الفقهاء يلحظ مدى ِ اللحاق) .(2ومن أجل ذلك توسعوا في وسائل إثبات النسب ،وتضييق فرص إنكاره.
15
) فكل طفل ولد على فراش الزوجية يعّد ابنا شرعيا ما لم يثبت العكس " .الولد للفراش " كما اجتهد الفقهاء في تضييق حالت ووسائل إثبات رفع النسب عن الطفل المولود على فراش الزوجية. طرته دقيقة ،بحيث قد تنقلب ضد الزوج المنكر لنسب ابنه إذا ) وإنكار النسب له شروط محكمة في الشرع ،وِمس َ لم ُيثِبت زنى زوجته أو إذا رفض الملعنة) ،(3فيقام عليه حد القذف )يجلد ثمانين جلدة( .وفـي جمـيع الحـالت تحـرم عليـه حرمة مؤبدة ـ يفرق بينه وبينها مؤبدا ـ وتتلخص أهم طرق إنكار النسب في :اللعان ،أو إثبات أن الطفل ولد خارج أجل الوضع المحدد شرعا). (1 حق عقٌل ) والستلحاق أو القرار بالبنوة ممكن ،ول يتطلب شروطا أو شكليات معقدة ،ويكفي أل يكذب المستل ِ حق حق معقول ،وأن تكون فرصة الجماع ممكنة بين المستل ِ أو عادة ،أي أن يكون فارق السن بينه وبين المستل َ حق .وهنالك أحاديث وآثار كثيرة عن إلحاق البناء بآبائهم .فقد روي عن عائشة رضي ال عنها وأم المستل َ عِهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص :أن ابن وليدة )جارية( زمعة مني فاقبضه عتبة بن أبي وقاص َ قولها :كان ُ ي فيه ،فقام عبُد بن زمعة ،فقال :أخي عِهد إل ّ إليك ،قالت :فلما كان عام الفتح أخذه سعد ،فقال :ابن أخي ،قد َ وابن وليدة أبيُ ،ولد على فراشه ،فتساوقا إلى النبي ،#فقال سعد :يارسول ال ،ابن أخي ،قد كان عهد إليّ فيه. ن زمعة> ثم قال فقال عبُد بن زمعة :أخي وابن وليدة أبي ،ولد على فراشه .فقال رسول ال< :#هَو لك ياعبَد ب َ النبي< :#الولد للفراش وللعاهر الحجر> .ثم قال لسودة بنت زمعة )أم المؤمنين( <احتجبي منه> لما رأى من شبهه بُعتبة بن أبي وقاص) ،(2فما رآها حتى لقي ال عز وجل )رواه البخاري في كتاب البيوع :باب تفسير المشبهات وفي كتاب الفرائض :باب :الولد للفراش...ومسلم في كتاب الرضاع(. ط )ُيلحق( أولد الجاهلية بمن ادعاهم في السلم ،مستعينا كما ثبت أن عمر بن الخطاب رضي ال عنه ،كان ُيلي ُ شَبه وتمييز الثر( .وُنِقل عنه بالقيافة )جمع قائف وهو الذي يتتبع الثار ويعرفها ،والقيافة علم أو معرفة ال ّ قوله< :ما بال رجال يطؤون ولئدهم )جواريهم( ،ثم يعزلوهن؟ لتأتيني وليدة يعترف سّيدها أن قد َأَلّم بها ،إل ألحقت به ولدها .فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا> ).(1 ) كما اعُتِمد إقرار الزوج كوسيلة لللحاق ولو بعد إنكاره نسب الولد المولود على فراشه ،أو ملعنته لزوجته. بحيث إذا لعن زوجته أو أنكر نسب ابنها ،ثم تراجع عن موقفه ،طبق عليه حد القذف وُألحق به الولد شرعا. ) من جهة أخرى يكتفي الشرع ببينة السماع أوشهادة الشهود للحاق الولد بنسب شخص آخر سواء في حياته أو بعد مماته). ...(2 ) الزواج الفاسد بسبب انعدام إحدى شرائط انعقاده ،كانعدام الرضى أو عدم الشهاد عليه ...يعتبر باطل ،إل أن الولد يلحق .وذلك خروجا عن الصل وهو أن العقد الباطل ل يرتب أية آثار. ) الزواج بين المحارم أيضا يعتبر فاسدا ،أي باطل ل يرتب أية آثار ،ويفسخ بدون طلق .إل أنه إذا تم بحسن نية ،أي إذا كان الزوجان جاهلين بوجود المانع الشرعي ،فالولد يلحق بأبيه شرعا ،رغم أن الزواج باطل ،أي كالعدم .بحيث لم يرّتب عليه هذا الثر إل استثناء ،إنقاذا لنسب الطفل. لكن تفاديا للمغالة ،وتوفيقا بين حق البن في النسب وحق الزوج في التخلص ممن عِلق بنسبه عدوانا ،قوبلت عى إلى غير أبيه ،وهو يعلم أنه غير الحكام الواردة أعله بأحكام أخرى لخصها الحديث المذكور سابقا< :من اّد َ أبيه ،فالجنة عليه حرام>) ،رواه البخاري في كتاب الفرائض ،ومسلم في كتاب اليمان( .وفي هذا الباب أحاديث أخرى مماثلة. والطفال غير الشرعيين الذين يولدون رغم كل الذي أقامه السلم من تدابير تحرزية ،ل يجب أن يؤدوا وحدهم ثمن تفشي الرذيلة أو اللمسؤولية .ولنصافهم ،أقام السلم مجموعة مبادئ تصون كرامتهم وتحدد لهم هوية. وهذه المبادئ قابلة لن يقاس عليها في ما ينسجم مع روح العصر: فالسلم أوجب منح الطفال غير الشرعيين أسماًء وهوية .ومن أجل ذلك ،وإلى جانب الخوة في الدين، استحسن الشرع لفائدتهم حق الموالة ،كما تلخصه آية }...فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم{ )سورة الحزاب :الية .(5ويكفي الرجوع لكتب التراث للتعرف على مدى نجاح فكرة الموالة في إدماج عديمي النسب في المجتمعات السلمية ،لظروف مختلفة...ونشير إلى ذلك بالحالة على العدد الهائل للموالي الذين اشتهروا في مجال خدمة العلم والدعوةوتولوا مناصب عالية في الدولة. ... كما أقام السلم مبدأ الرضاعة وما يترتب عليه من أواصر متينة بين الطفل الراضع والسرة المرضعة )الحاضنة أو البديلة( .فمعلوم أن الرضاعة ليست مجرد علقة عارضة بين الطفل والسرة ،وإنما تترتب عليها علقة تنسحب على مستقبل الطفل بكامله .إذ يندمج في السرة ،فيصبح ابنا من الرضاع للم المرضعة وزوجها، وأخا لبنائهما ،ل يحل التزاوج بينه وبينهما .وهو مبدأ غاية في الحكمة .لنه بدون تثبيت العلقة بتلك الطريقة، ضع بالمان والستقرار والحنو ...وكلها أحاسيس ضرورية ليعيش الطفل حياة طبيعية ،فإن لن يشعر الطفل المر َ لم تكن صادقة لم يتحقق اندماج الطفل في السرة.
16
وبديهي أن أول خطوة لتحقيق اندماج الطفل ،هي منحه اسما ونسبا ينسجمان مع المتعارف عليه .وسنكتفي بإعطاء اسم عائلي مفترض تَدّونه السلطات المعنية بسجل معد خصيصا لذلك ،شريطة أل يكون السم المفترض مما يخل بالداب أو يخدش مشاعر الطفل. ولضمان عدم اختلط النساب من المستحسن أن يقّيد إلى جانب السم العائلي المفترض ،السم الشخصي عِرفا .ولحمايته من اكتشاف حقيقته مبكرا ،يمكن تسجيل اسماء مفترضة لوالديه. الحقيقي لحد والدي الطفل إن ُ ولنفس الغاية وحفظا لكرامته ،نحبذ إحداث سجل خاص ،بشرط أن يكون غاية في السرية ،تَدّون فيه حقيقة الطفل ،وكل الوقائع والمعلومات المتعلقة بالظروف التي عثر عليه فيها )كتحديد مكان اللقطة ،وما كان يحمله من ملبس .(...فمثل هذه المعلومات ،من جهة أخرى ،تسهل عليه مستقبل ،العثور على أسرته الحقيقية، وتسهل على الوالدين الحقيقيين العثور عليه في أية لحظة استيقظ فيها ضميرهما وعواطفهما. ومعلوم أن عديدا من القوانين المقارنة تسمح بمنح الطفل المتبّنى نفس اسم العائلة التي تتبناه ،إل أن التجاه الحالي يميل نحو التحرز حيال التبني والتضييق من منح الطفال أسماء المتبنين ،لحفظ هوية الطفل الحقيقية، حب منه هذا السم مستقبل .من ذلك مثل قانون فرنسي حديث أدخل مجموعة متراصة من وحماية له من أن ُيس َ خل سلطان المال وحاد بالتبني عن القواعد الكفيلة بحماية الطفل في مختلف الوضاع ،خصوصا بعد أن تد ّ أهدافه النبيلة ).(1 ثانيا :حق الطفل المحروم من السرة في أسرة بديلة َمْنع الشرع للتبني ل يقصد به حرمان الطفل من النتساب لسرة ما حقيقية أو بديلة ،وإنما فقط منعا لختلط النساب .وتوفيقا بين المرين ابتدع الشرع الرضاع والتنزيل والموالة . ... * فالرضاع يمّكن الطفل من الغذاء والحنان والتنشئة والسرة...إذ من آثاره خلق وشائج عائلية بينه وبين أسرته من الرضاع. ... * والتنزيل يعني تنزيل ابن ليس من الصلب منزلة الولد ،وبالتالي تمتيعه بكل الحقوق التي يتمتع بها الطفل العادي ،مع تمييز طفيف ،وهو عدم منحه النسب الحقيقي للمتبني ،وأيضا جعل نصيبه من الميراث في حدود الثلث. ... * والموالة أخوة بين شخصين يتفقان على أن يتكفل أحدهما بالخر وأن يتوارثا. ... فهذه الطريقة طالما حققت التكافل بين الناس عبر تاريخ السلم وتحقق اندماج الطفال المتخلى عنهم وتبوأوا مكانات كباقي الناس ...بدليل أن التشرد أو هجر الطفال ظواهر حديثة بالمجتعات السلمية. والملحظ أن قوانين جل الدول السلمية ،سكتت عن حقوق الطفال غير الشرعيين ،خصوصا ما يتعلق بحضانتهم أو التكفل بهم ،أو إلزام الدولة بالتكفل بهم ،أو تشجيع السر على احتضانهم ...وذلك ربما لتحرجها من ظاهرة الطفال غير الشرعيين .فكانت النتيجة أن تزايدت أعداد الطفال المحرومين من السرة ،في صمت. هذا في حين تعامل معهم الشرع برحمة وتفهم .ويمكن إجمال موقفه في كون الرسول#قْبل إقامة حد الرجم علي الغامدية ،دفع بابنها لرجل صالح من المسلمين ليتولى تربيته ورعايته .وذلك إلى جانب عدد هائل من اليات والحاديث التي تحض على إكرام اليتيم ورعايته والتكفل به وتربيته وصونه) ،(1أيا كان سبب اليتم ،وسواء كان اليتيم معلوم أو مجهول الوالدين . وفي الثار ثبت أن عمر بن الخطاب رضي ال عنه جاءه رجل بطفل وجده منبوذا ،فقال عمر< :ما حملك على ح .فقال عمر: عريُفُه :ياأمير المؤمنين ،إنه رجل صال ٌ سمة؟ قال وجدتها ضائعة فأخذتها .فقال له َ أخذ هذه الّن ْ أكذلك؟ قال :نعم .فقال عمر :اذهب فهو حّر ولك ولؤه ،وعلينا نفقته> )الموطأ :باب القضاء في المنبوذ(. وروى سهل بن سعد رضي ال عنه ،قال :قال رسول ال< :#أنا وكافل اليتيم في الجنة ،هكذا> وقال بإصبعيه السبابة والوسطى) .رواه البخاري في كتاب الدب :باب فضل من يعول يتيما(. وإن هيئة المم المتحدة )اتفاقية 1989م( وهي بصدد تعداد لئحة الحقوق حاولت تكييفها مع الظروف الثقافية والعقائدية لكل دولة .فبعد أن أقرت حق الطفل في التبني ،تحدثت عن حقه في التكفل به ـ أوتنزيله منزلة الولد ـ كما هو في الشريعة السلمية ـ) ...(1حاضة الحكومات على الحتفاظ بحق التدخل والمراقبة للتأكد مما إذا كان الطفل يحظى بالرعاية والتربية ...ثم توّلت اتفاقية لهاي ) 29ماي (1993تنظيم التبني خارج الوطن .وحماية جأ لهويته الثقافية وعقيدته حثت على أن يحصل التبني من قبل مواطني الدولة التي ينتمي إليها الطفل ...ول ُيل َ للتبني خارج الوطن إل في الظروف القاهرة .وفي هذه الحالة حثت على إنشاء لجنة اجتماعية تمر عبرها كل ن مباشر وبدون استشارتها غير مشروع. طلبات التبني خارج الحدود ،معتبرة كل تب ٍ ثالثا :حق الطفل المحروم من النفقة في مورد للعيش لما جاء السلم وواجهه التباين الطبقي لم يسع إلى اجتثاث الغنى بل لمحاربة الفقر .فحث الناس على العمل والسعي والمواظبة ،ونبذ التكال والخنوع جاعل من الخدمة على العيال واجبا وصدقة وحسنة تتقُدم كل أعمال الخير ،معتبرا اليد العليا خيرًا من اليد السفلى .كما حارب البخل وكنز الموال ،وأقام قواعد متراصة تكفل تداول الثروات بين الناس ،وعدم تكديسها في يد الغنياء.
17
جد طفل بدون عائل ،فالحكم الشرعي أن وفي المقابل ،إذا عجز النسان عن الكسب وضمان قوت عياله ،أو ُو ِ العشيرة تتكفل به ...وإل تولى ذلك بيت المال .فأقام الشرع نظما لتمويل أعمال التكافل )الضمان الجتماعي( وعلى رأسها الزكاة ) ،(2أحد أركان السلم} :وفي أموالهم حق للسائل والمحروم{ )سورة الذاريات :الية .( 19ثم حدد طرق إنفاقها بشكل يشمل المحرومين} :إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل ال وابن السبيل ،فريضة من ال{ )سورة التوبة :الية }،(60وآَتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) {...سورة البقرة :الية ....(177 ظُم الضمان الجتماعي الحديثة ليست غريبة عن السلم ،وإن بدت في الواقع غريبة عن بعض لذلك فُن ُ المجتمعات المسلمة التي ابتعدت عن تعاليمه .فل عجب إذن أن ينسجم ما استقرت عليه الوفاق الدولية مع روح السلم. فاتفاقية 1989م بشأن حقوق الطفل كرست حق الطفل في النفقة والسكان ...مستهلة قولها<:تعترف الدول الطراف بحق كل طفل في مستوى معيشي ملئم لنموه البدني والعقلي والروحي ...يتحمل الوالدان أو أحدهما أو الشخاص الخرون المسؤولون عن الطفل ...بتأمين ظروف عيش ملئمة لنموه ...وتتخذ الدول الطراف التدابير الملئمة لمساعدة الوالدين)...م .(27 رابعا :حق الطفل المهّمش في التربية والتعليم عوامل التهميش السالف سردها تجتمع في نهاية المطاف لتحرم الطفل من التمدرس .والحرمان من التعليم لوحده يعتبر كافيا للتهميش .لن مستقبل الشعوب هو العلم ،والموارد البشرية هي الثروة الساسية في عصر المعرفة .من ثم تبقى المية من أكبر عوائق الندماج والتقدم. ففي الدول المتقدمة ُأرِفق حق الطفل في التمدرس بفرض نظام التعليم الجباري مع تفاوت في مستوى ومدة الجبارية .و تعّزز الجبار بالبنيات التحتية الضرورية والدعم المالي للسر .ثم أرفق بعقوبات قد يكون من ضمنها مصادرة حق السرة في حضانة الطفل ...نفس الشيء يقال عن النشطة الموازية والتكوين المهني... بحيث تلتزم الدولة فوق ضمان الهياكل الضرورية ،بالمراقبة والتفتيش الفعلي للمؤسسات وسلوكات السر. من ثم ـ لصلح الطفل غير المتكيف وإعادة تأهيله وإدماجه ـ يجب ضمان حقه في التعليم وتوفيره له بوسائل عملية ملموسة وإيجابية .كما يلزم الستعجال في فرض تعليمه وإعادة تأهيله ،إنقاذًا له ولذريته .وإذا كان لنا أن نعود لروح السلم ،فلن نفاجأ بوجود تعاليم حرصت على أن ينال كل طفل نصيبه من التربية السليمة والتعليم والندماج في السرة والمجتمع. ولضيق المجال نحيل على ما أوردناه من آيات وأحاديث وآثار ،تجعل من طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ،ل فرق بين محظوظ ومحروم ،ذكر وأنثى ،ودون وضع حد لسن التعّلم ،وأحاديث أخرى تثبت إلى أي حد اسُتِغّلت كل الوسائل لنشر العلم .وحسبنا أن نذّكر بأن الرسول صلى ال عليه و سلم كان يفرج عن السير لقاء تعليمه عشرة من أبناء وبنات المسلمين ،وأن الشرع جعل تربية الولد والحسان إليه أفضل من الصدقة ومن كل أبواب الِبر والحسان .وفي الباب أحاديث كثيرة منها< :أكرموا أولدكم وأحسنوا أدبهم> )رواه ابن ي أدبه ،وإن أدب ال القرآن> )رواه الدارمي :كتاب فضائل القرآن (1ومنها: ماجة :كتاب الدب ( ،و<...أن يؤِت َ ب حسن> ،و<لن يؤدب الرجل ولَده خير له من أن يتصدق بصاع> )رواهما حل والٌد وَلَده أفضل من أد ٍ <ما ن َ الترمذي :كتاب البر(. وهيئة المم المتحدة ،في إطار اتفاقية 1989م ،حضت الدول على تفعيل الوسائل لضمان حق المواطنين في التعليم ،وتكييف برامجه مع الوساط الجتماعية ومع المعتَقدات الدينية .حاضة على استعمال كل السبل لمحاربة خبرات ومحاربة المية)...م .(30-28 ترك الدراسة؛ وعلى التعاون الجهوي المشترك لتبادل ال ِ خامسا :حماية إضافية للطفل المحروم من الستقرار كثير من حالت عدم التكيف ترجع لنعدام الستقرار بسبب النزوح واللجوء والتشرد والفتقار لسرة حاضنة والفتقاد للجنسية ،سواء في ظروف السلم أو الحرب. حهم كل ما ث على التكفل بالطفال المتخلى عنهم ومن ِ والسلم هنا أيضا كان السباق لحماية هذه الفئات ،بأن ح ّ يحتاجونه من عطف وحنان وتربية وتعليم .واعتبر كل طفل مولود في دار السلم حرا ،منتميا لها ،له حقوق على بيت مالها كما أسلفنا .أما عن اللجوء فليس ثمة أبلغ من مثال المهاجرين والنصار ،وما جاء من رموز لدماج المهاجرين في المجتمع الجديد بشكل مثالي يلزم العتبار به. كما أقام السلم أخلقيات للحرب والفتح منها عدم المساس بالطفل والمرأة )أي حاضنة الطفل( .فقد روي أن الرسول صلى ال عليه و سلم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة ،فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والولدان )البخاري :كتاب الجهاد والسير :باب قتل النساء ،ومسلم :كتاب الجهاد والسير،باب النهي عن قتل النساء حقْيق عن قتل النساء والولدان .فكان رجل منهم يقول: والصبيان .(...كما روي عنه أنه نهى من قتلوا ابن أبي ال ُ ت )أظهرت أمرنا( امرأة ابن أبي الحقْيق بالصياح .فأرفع السيف عليها ،ثم أذكر نهي رسول ال ،#فأُكف، ح ْ بّر َ ولول ذلك استرحنا منها)الموطأ:كتاب الجهاد ،باب النهي عن قتل النساء الولدان.(...
18
وروى عن المام مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل من عماله أنه<:بلغنا أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان إذا بعث سرية يقول لهم<:اغزوا باسم ال .في سبيل ال...تقاتلون من كفر بال ،ل تغلوا ول تغدروا ،ول َتْمُثلوا ،ول تقتلوا وليدا ،وقل ذلك لجيوشك وسراياك> )الموطأ :كتاب الجهاد ،باب النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو( .وروي أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى الشام ،فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان ـ وكان أمير ربع من تلك الرباع ـ فأوصاه قائل ...< :وإني موصيك بَعشٍر :ل تقتلن امرأة ول صبيا ول كبيرا هرما ،ول تقطعن شجرا مثمرا ول تخربن عامرا) >...الموطأ :كتاب الجهاد،باب النهي عن قتل النساء والولدان.(... وهيئة المم المتحدة في اتفاقية 1989م توقفت عند هذه الحالت بالذات ،حاضة الدول الطراف على احترام القليات)م ،(30ومنح الطفل اللجئ كل ما يحتاجه من مساعدات وتمتيعه بكافة الحقوق كباقي الطفال)م ...(22 . سادسا :حق الطفل المعاق في التغلب على العاقة هنا أيضا حمل السلم عبرا كثيرة ُيستَدل بها على ضرورة دمج المعاق في المجتمع .ونختزل ذلك في مثال ابن أم مكتوم الضرير ،الذي من أجله تلقى الرسول صلى ال عليه وسلم أول وآخر عتاب إلهي< :عبس وتولى>. حيث كان الرسول#منشغل مع سادة قريش يدعوهم لليمان ،وإذا بابن أم مكتوم يقاطعه قائل :يارسول ال أقرئني مما علمك ال؛ فُيعرض عنه ،فنزلت الية } عبس وتولى أن جاءه العمى. {.. ابن أم مكتوم هذا سيكون له شأن وسيصبح والي المدينة مرتين ،كرمز مثالي على قدرة المعاق على التغلب على عاهته ،والندماج في المجتمع متى حظي بالرعاية التي يحتاجها .فالعتاب الموجه للرسول#لم يكن الهدف منه سوى تنبيه جميع المسلمين وحثهم على العتناء بالشخص المعاق واستثمار طاقاته. وقد نال المعاق كثيرا من اهتمام هيئة المم المتحدة في السنوات الخيرة .فبجانب إعلن 1959م واتفاقية 1989م ،حيث احتل الطفل المعاق حيزا هاما ،صدرت مجموعة أوفاق خاصة به ،كإعلن 1969م بشأن الطفل المعاق؛ تصريح 1971م الخاص بالمعاق ذهنيا ،إعلن 1975م بشأن الشخاص المعاقين.... سابعا :حماية خاصة للطفال المعرضين للستغلل والعتداء إن أسباب استغلل الطفل ل حدود لها ،بسبب كونه أضعف مخلوق .والستغلل قد يأتي من أقرب القرباء ،كما قد يأتي من المشّغل ،أو من أي شخص أو عصابات إجرامية أو ...وبذلك أضحى من واجب الدولة التدخل لرفع الحيف عن الطفل ليس من الغرباء فحسب ،بل حتى من ذويه: . 1حق الطفل في التخلص من السرة متى كان وجوده معها مضرا به أشكال الضرر تختلف ،فقد يكون الب أو الم غير صالحين فينعكس سلوكهما على تربية الطفل ،وقد يمارسان عليه أشكال من التعذيب الجسدي أو النفسي ،وقد يحَرم من النفقة؛ أو ينفصل الزوجان ويقيم الطفل مع أحد أبويه المتزوج بالغير ...وفي جميع الحالت فضرر الطفل بّين ومستقبله مهدد. ويتوجه القانون المقارن والوفاق الدولية ) (1نحو تمكين الدولة من حق التدخل لرفع الحيف عن الطفل الضحية .إذ حاولت التشريعات تصور الوضاع غير السليمة وإيجاد حلول لها .وبذلك فرضت النفقة على العائل وأوجدت طرقا للزامه بصرفها ،وحددت الحاضن فيمن ُيْفَتَرض أنه يحرص على الطفل أكثر ،ثم منحت الطفل ،ـ متى وصل سنا معينة ـ ،حق اختيار مع من يريد أن يقيم من أبويه أو من ذويه وأجازت سحب الحضانة من السرة ،متى كان الب عنيفا مثل ،أو اقترف اعتداءات جسدية أو جنسية ضد الطفال. ... نفس الحكام السابقة تستخلص من الشرع .وذلك بكل بساطة لن السلم يعّول كثيرا على الطفل ،رجل المستقبل .والحكام في الباب كثيرة وتتكامل فيما بينها .فعديدة هي اليات والحاديث التي أقرت حقوق الطفل في الحضانة والنفقة ،وحفظ أمواله وحسن تسييرها ،كما أسلفنا .وأخرى نهت عن العنف ضد الطفال وأوصت بحسن المعاملة والليونة والحسان إليهم ،وحسن التربية والتعليم والتكفل باليتام والمعوزين ). ...(2 ففي بـــــاب اليصـــــــاء بالحسـان للطفال وحسن تربيتهم وتعليمهم قواعد الدين ،ـ بالضافة للحاديث السابقة ـ ،هنالك أحاديث كثيرة تبين ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق الباء والولياء : <إنما سماهم ال أبرارًا لنهم بّروا الباء والبناء .كما أن لوالديك عليك حقا ،كذلك لولدك عليك حق> )رواه البخاري في "أدب المفرد" من حديث ابن عمر(. <رحم ال والدا أعان ولده على ِبـره> )رواه الطبراني من حديث ابن عمر().(1 ضرب على الصلة>... عزل فراشه ،فإذا بلغ ثلث عشرة سنة ُ < ...فإذا بلغ ست سنين ُأّدب ،فإذا بلغ تسع سنين ُ )أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الضحايا والعقيقة(. وبالمقابل أمر الشرع البناء ببر الوالدين وحرم العقوق وجعله درجة من درجات الشرك .قال ال تعالى: } وقضى ربك أل تعبدوا إل إياه وبالوالدين إحسانــا{ )سورة السراء :الية } .(23ووصينا النسان بوالديه حسنا{ )سورة العنكبوت :الية } .(8واعبدوا ال والتشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا) {...سورة النساء: ي العمل أحب إلى ال؟ قال< :الصلة الية .(36وعن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ،قال :سألت النبي#أ ّ ي؟ قال< :بر الوالدين>)...رواه البخاري ومسلم(. على وقتها> قلت :ثم أ ّ
19
.2الحماية من الستغلل في الشغل بقراءة التاريخ يتبين أن السلم لما جاء واجهته ظواهر متفشية ،منها ظاهرة الغلمان والرقيق كصور لتشغيل الطفال .فلم يكن يملك سوى التعامل مع الواقع بتحرز في أفق احتواء الظواهر والقضاء عليها بالتدريج .ويمكن اختزال موقف الشرع في حديث< :لعب ابنك سبعا وأدبه سبعا وصادقه سبعا >...حيث لمكان في هذه المدة بكاملها للتشغيل ...لكن إن اقتضت الظروف أن يشتغل الطفل ،فيجب أن يتم ذلك برحمة وإشفاق على نعومته وليونة عوده ،فالدين المعاملة ،والحسان يجب أن يكون في كل شيء. ... أما تشغيل أبناء الغير فكان يتم في القديم تحت نظام السترقاق ،لذلك جاءت اليات والحاديث حاثة على حسن معاملة العبيد وعدم استغللهم } :واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ...وما ملكت أيمانكم{ )سورة النساء :الية .(36والحاديث كثيرة ،نكتفي ببعضها: ب رجل )بلل( على عهد الرسول ،فعيره بأمه ،فقال النبي<#:إنك امرؤ فيك جاهلية .هم)أي عن أبي ذر أنه سا ّ خَوُلكم )خدمكم( ،جعلهم ال تحت أيديكم ،فمن كان له أخ فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما الرقاء(إخوانكم و َ يلبس ،ول تكلفوهم ما يغلبهم ،فإن كلفتموهم فأعينوهم> )رواه البخاري :باب العتق( .وفي كتب الصحاح أحاديث من رواة عدة ،تبين أن من آخر ما أوصى به الرسول صلى ال عليه وسلم لما حضره الموت ،الحسان للخدم .من ذلك قوله<#:الصلة الصلة ،اتقوا ال فيما ملكت أيمانكم> )رواه أبو داود من حديث علي :باب العتق(< .اتقوا ال فيما ملكت أيمانكم ...ول تكلفوهم من العمل ما ل يطيقون) >...مفرق في عدة أحاديث( <أطعموهم مما تأكلون ...ول تكلفوهم ما يغلبهم ،فإن كلفتموهم فأعينوهم> )حديث أبي ذر ،رواه أبو داود: كتاب العتق(). (1 والواقع أن تشغيل الطفال في سن اللعب والتسلية والتمدرس ،ظلم اجتماعي رهيب وخرق لبسط الحقوق .إنما ق من مجال أمام القوانين ونظرا لنتشار الظاهرة وفشل السياسات المنتهجة حتى الن في القضاء عليها ،لم يب َ المقارنة سوى محاولة احتوائها لخفض المخاطر التي تعترض الطفل) .(2لذلك نجد جلها يقلص ساعات العمل إلى الحد الذي ل يضره ،ويمَنُع تشغيله في أماكن وأعمال معينة تهدد صحته أو نفسيته وأخلقه .ووعيا من اتفاقية 1989م بعدم فعالية القوانين الداخلية في الحد من ظاهرة تشغيل الطفال ،حضت على حمايتهم مما يتعرضون له من استغلل وإهانات ،بالبلدان النامية بالخصوص. .3الحماية من العتداءات).(3 الطفال أكبر ضحايا العنف .وإذا كانت العتداءات الجسدية تبدو عادية ببعض المجتمعات ،فإنها غالبا ما تكون خطيرة ،لما لها من عواقب على نفسية الطفل .والعنف الجسدي يمارس على الطفل بالعالم الثالث من قبل السرة ،المدرسة ،المشغل ،عامة الناس ...نظرا لنتشار العنف به. والخطر منه العنف الجنسي ،لما له من عواقب نفسية واجتماعية تعصف عادة بمستقبل الطفل كلية .هذا العنف بالذات في تزايد مستمر بالنظر للتحولت التي تعيشها المجتمعات المعاصرة ،وما صاحبها من تفسخ خلقي وتشرد الطفال ،واستغللهم للدعارة وإقبال الكبار على ممارسة الجنس على الصغار ،بسبب عقد وحشية وطغيان المال ،وبسبب ما تمارسه وسائل العلم وغيرها من انتهاك للداب العامة وتحريض على الدعارة. ... والحاديث في الباب كثيرة ،وإضافة لما أسلفناه عن الحماية التي أولها الشرع للطفل ،نذكر الحاديث التالية: حّرج حق الضعيفين :اليتيم والمرأة> )رواه ابن ماجة في كتاب الدب :باب حق اليتيم( .ومعنى <اللهم إني ُأ َ أحّرج :ألحق الحرج والثم ،وأحّذر من ذلك ،وأزجر زجرا أكيدا .ومعنى الحديث أنه يحذر من كل اعتداء على الضعفاء ،أيا كان نوع ضعفهم ،وأيا كان نوع العتداء. كما أقام الشرع قواعد متكاملة تحقق حماية أكيدة للطفل ضد العتداءات الجنسية .من ذلك أمره بعزل فراش الطفال ،وأمره بغض البصر ونهيه عن النظر لمحاسن الطفال سواء منهم الناث أو الذكور .كيف ل وظاهرة إتيان الغلمان كانت مستثرية قبل مجئ السلم .لذلك تكرر نهي الشرع عن النظر للصبيان متى كان الهدف من النظر الستمتاع ،واعتبر النظر إليهم أسوأ من النظر للنساء ،لن الثاني ينصلح بالزواج ،والول ل سبيل لصلحه سوى بالمتناع عن النظر .واعُتِبر مجرد النظر لوجه الصبي بالشهوة حراما مطلقا ،فأحرى العتداء عليه جنسيا. وإن هيئة المم المتحدة من جهتها ،حضت ،في اتفاقية 1989م على اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية فعالة لمحاربة خطف الطفال والتجار بهم ،وحمايتهم من العنف والستغلل الجسدي أو الجنسي )...م 32ـ .(36 ثامنا :حقوق الطفل الجانح في إعادة تأهيله حتى عهد قريب كان مصير الطفل الجانح العقاب .ومع البحث ثبت أنه من الظلم مساءلة شخص ل يتمتع بالرادة .آنذاك فقط بدأ الحديث عن وسائل أخرى لتقويمه .وفي الَغرب كّلفت ظاهرة الجنوح طوال القرن الثامن والتاسع عشر ،أبحاثا وموارد ضخمة لفهمها وإنشاء عدة مدارس .وانتهى المطاف إلى اعتبار الظروف الجتماعية المسؤول الول عن الجنوح واعتبار النحراف مجرد مظهر لعدم القدرة على التكيف وتمرٍد من حَدث على الظلم الذي تجرعه .فحصل استقرار على أن الجانح مريض يحتاج للعلج ،وليس مجرما يستحق ال َ العقاب.
20
وإن ظاهرة الجنوح التي عانت منها الدول الغربية في القرن الماضي ولتزال تعاني منها ،انتقلت للبلدان النامية ،بصحبة التحولت القتصادية ـ الجتماعية .مع فرق كبير بينهما في مقدار الوعي بخطورة المشكل، وطرق التصدي له. واتفاقية 1989م نبهت لعدم فعالية التدابير التي تبنتها الدول ،ول سيما الدول النامية ،في الحد من ظاهرة الجنوح .فبادرت للحث على الهتمام بها أكثر<:تتخذ الدول كل التدابير لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الندماج الجتماعي للطفل ...ويجري هذا التأهيل عادة في بيئة تعزز صحته>. أما السلم فاعتمد الوقاية أكثر من العلج .إذ حضّ على تربية الطفل أفضل تربية وتهذيب نفسه ،وتنشئته على احترام الذات و حفظ كرامته ...إضافة لتدابير وقائية تهدف لتقاء التهميش وتتفادى منح الحياة لطفال يكون مصيرهم الحرمان المفضي للجنوح :فتحريم الزنى وحده يقلص أعداد الطفال غير الشرعيين والذين ل عائل لهم ...إلى جانب الدعوة لقامة الزواج على أسس متينة ،واختيار الزوج المناسب ،وحث من لم يستطع الباءة على عدم التزوج ،وبغض الطلق وحفظ صحة الم ،والنضباط حتى في زمن الحرب ،وتوفير بيئة اجتماعية ملئمة والتقليص من التباين الطبقي ...فهذه كلها أمور ،إلى جانب أخرى ،إذا أخذت بشمولية وطبقت كما يجب، أثبتت مدى فعالية النظام السلمي في الحد من عوامل التهميش. لكن تركيزنا على الوقاية يجب أل يعني أن الوسائل الوقائية تؤدي لستئصال ظواهر اللاندماج أو التهميش بالكامل ،بدليل أنها وجدت حتى في العهود الزاهرة للسلم ،تحت عدة صور .لذلك فالعلج يبقى ضروريا أيضا. ومن أفضل العلجات التي أقامها الشرع :نظام التكفل والتنزيل والرضاع و إيجاد أسرة بديلة صالحة ومستقرة للطفل المحروم ،وتربيته و تعليمه ...بهذه الوسائل المتكاملة ،يمكن اتقاء ردات الفعل التي تدمر عادة الحدث جه التمرد ضده .وفي جميع الحالت فدور الدولة ل غنى عنه للمراقبة وإيجاد البنيات التحتية قبل أن تدمر من ُو ّ الكفيلة بتعويض الطفل عن الحرمان .وقد أعطينا أدلة بليغة عن البعد الجتماعي للسلم. لكن إذا كانت قوانين الدول السلمية تكرس جزًء كبيرا من هذه الحماية ،وكانت ظاهرة التهميش ل تزيد إل تفاقما ،فمعناه أن فشل الحماية يعود لسباب أخرى ربما غير تشريعية ،يجب أن نتعرف عليها. الهوامش ) (1فالسلم عّول على الوقاية أكثر من العلج ،بإقامته نظاما يحكم العلقة بين الجنسين ويشجع على الحصان والتزاوج .وبالمقابل عاقب الزنى والخيانة الزوجية والغتصاب. ... )) 2راجع بعض النوازل مثل في الموطأ للمام مالك :كتاب القضية ،باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه. عن أن يقسم ) (3فلثبات زنى الزوجة يلزم التيان بأربعة شهداء ،فإن لم يكونوا أربعة شهداء لزم الزوج المل ِ أربع مرات أنه من الصادقين والخامسة أن لعنة ال عليه إن كان من الكاذبين ثم تقسم الزوجة بمثل ذلك سهم، والخامسة غضب ال عليها ،استنادا لقوله تعالى } :والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إل أنف ُ فشهادة أحدهم أربع شهادات بال إنه لمن الصادقين ،والخامسه أن لعنة ال عليه إن كان من الكاذبين ،ويدرؤا ب أن تشهد أربَع شهادات بال إنه لمن الكاذبين والخامسَة أن غضب ال عليها إن كان من عنها العذا َ الصادقين {)سورة النور :اليات 6 :ـ .(9فإن رفض الزوج الدلء بالقسم ،أو إذا تراجع عنه اعتبر ذلك منه قذفا في حق زوجته ،فيقام عليه الحد )ثمانين جلدة(. ) (4اختلف الفقهاء في تحديد أدنى وأقصى أجل الوضع لعتبار الطفل شرعيا .وقد ذهب بعض الفقهاء بعيدا فحدد المدة القصوى في خمس سنوات بعد انفصام الزوجية )المالكية( ،وحددها البعض الخر في سنة ،وهو الراجح .أما أدنى الجل فلم يثر خلفا كبيرا ،ويكاد الفقه يجمع على أنه ستة أشهر من تاريخ إبرام العقد ،استنادا ليات الحمل والرضاع} :وحمله وفصاله ثلثون شهرا{ )الحقاف } ،(15والوالدات يرضعن أولدهن حولين كاملين {)البقرة .(233إذ بخصم مدة الحولين ) 24شهرا( من الثلثين شهرا يكون الفرق هو ستة أشهر .وبناء على ذلك اعتبرت هذه المدة أدنى أمد الحمل ،ليولد الطفل قابل للحياة. ) (5لكونه من غير محارمها ،فل يحق لها رؤيته ،بسبب ما لحظه من شبه بينه و بين عتبة بن العاص ،ومع ذلك اعتبره ابنا لزمعة لنه ولد على فراشه ،وفي الشرع السلمي الولدة على فراش الزوجية قرينة على أن الولد من الزوج ما لم يثبت العكس ،بالدلة المحددة شرعا. ) (6يراجع الموطأ للمام مالك :إسعاف المبطأ برجال الموطأ للسيوطي :باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه .وباب القضاء في أمهات الولد. حق. ) (7يراجع الموطأ في باب القضاء في ميراث الولد المستل َ )F. DEKHEUWER-DEFOSSEZ : Les Droits de l (8ص . ...Enfant, op. cit, p . 52 ) (9فالنفاق على اليتيم يعد أهم أبواب النفاق من الخيرات ،وذلك في إطار : ) الزكاة أو الصدقات ،واليات في الباب كثيرة } :وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين{ )البقرة } ،(177ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا{ )النسان } ،(8قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والقربين واليتامى والمساكين {)البقرة .(215 أو قسمة التركة } :وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه {)النساء .(8
21
أو الغنائم} :واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن ل خمسه و للرسول و لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل{ )النفال } ،(41ما أفاء ال على رسوله من أهل القرى فلله و للرسول و لذي القربى و اليتامى والمساكين وابن السبيل{ )الحشر .(7 ) كما أوصى بالحسان لليتام} :ويسألونك عن اليتامى ،قل إصلح لهم خير{ )البقرة (2200؛ } ل تعبدون إل ال وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى { )البقرة } (83فأما اليتيم فل تقهر{ )الضحى .(9 ) واعُتبر عدم إكرام اليتيم معصية كالشرك ،وأحد أسباب غضب ال على المم } :أرايت الذي يكذب بالدين ،فذلك ع اليتيم { )الماعون } ،( 1-2كل ،بل ل تكرمون اليتيم {)الفجر .(17 الذي يد ّ ) وحرص الشرع على حماية أموال اليتامى ونظم كيفية تسييرها وتسليمها لهم إذا بلغوا الرشد} :ول تقربوا مال اليتيم إل بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده{)النعام 152؛ السراء (34؛ } وآتوا اليتامى أموالهم ،ول تتبدلوا الخبيث بالطيب{ )النساء } ،(2وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ،فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ،و ل تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ،ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ،فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) {،النساء ،(6كما بين شروط التزوج من يتامى النساء } :وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللتي ل تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ،والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط{ )النساء :(127 ) (10وإن كانت اتفاقية لهاي في 29ماي 1993مثل ل تخفي تحفظها من التبني ،كلما تعلق المر بالدول السلمية معتقدة أنها تحرم التبني مطلقا .لذلك فنحن مطالبون بتنوير الرأي العام الدولي بشأن موقف السلم الصحيح ،من التبني وإحلله محل التصور الذي كونته عنه الثقافات الجنبية. ) (11تكرر فرض الزكاة في أزيد من 30موضعا في القرآن الكريم ،واقترنت في جلها بالصلة. ... )C. NEIRINC : La Protection de la Personne de l (12ص Enfant contre ses .Parents,1984 ) (13للتوسع يراجع مثل الموطأ في كتاب :العقيقة ،الطلق ،الرضاع ،القضية؛ الحياء :كتاب آداب النكاح. ) (14رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب ،من حديث علي بن أبي طالب .ورواه النوقاني من رواية الشعبي مرسل .يراجع المام الغزالي ،إحياء علوم الدين ،ج ، 2ص .237 ) (15يراجع أيضا البخاري :كتاب العتق ،مسلم :كتاب العتق ،الموطأ كتاب العتق والولء ،المام الغزالي :إحياء علوم الدين ،ج ،2ص . 239 ) (16انظر مثل :الشويرجي :رعاية الحداث في السلم والقانون المصري :منشأة المعارف،السكندرية، 1985آمال جلل :بعض الجوانب القانونية لرعاية الطفولة :المجلة المغربية للقانون والسياسة والقتصاد. )Voir ex: D. DUVAL-ARNOULD: Le Cors de l (17ص Enfant: Paris 1994; H. MANSEAU: Lص abus Sexuel et lص institutionnalisation de la protection de la ... Jeunesse: ISBN 1990 ********