خطية عدم اإليمان تشارلز سبورجن قدمت صباح األحد الرابع عشر من يناير عام ١٨٥٥في كنيسة شارع ساوث بارك ،بساوثورك ،إنجلترا
1855
خطية عدم اإليمان س َما ِء! َھ ْل َي ُكونُ ِﻣ ْث َل ب َي ْ ص َن ُع ُك ًوى ِفي ال ﱠ ي َر ُج َل ﷲِ َو َقا َل» :ھ َُو َذا ال ﱠر ﱡ اب ا ْل ُج ْن ِد ﱡ َوأَ َج َ َ ھذا األَ ْﻣ ِر؟« َقا َل» :إِنﱠ َك َت َرى ِب َع ْي َن ْي َك َول ِكنﱠكَ الَ تَأْ ُك ُل ِﻣ ْنهُ«٢) .ﻣل(١٩ :٧ قد يخلص رجل حكيم مدينة بأكملھا ،رج ٌل صال ٌح واحد قد يكون سبيل األمان لألخرين .والقديسون "ھم ملح األرض" )مت ،(١٣ :٥وسيلة حفظ الشرير ،فلوالً أناس ﷲ القديسون كحافظ ألُبي َد الجنس البشري تماماً. وفي مدينة السامرة كان يوجد رجالً تقيا ً واحداً ،إليشع ،خادم الرب .لقد إنقرض الوقار من البالط الملكي ،فالملك كان فاجراً من أسوأ األنواع ،وإثمه كان جلياً ق ِبخَ َ طا َيا َي ُر ْب َعا َم ب ِْن ص َ ونجاسته بينه – " َيھُو َرا ُمَ ...ع ِم َل ال ﱠش ﱠر ِفي َع ْين َِي الرﱠبﱢ َ ...ل ِ َن َبا َ ئَ .ل ْم َي ِح ْد َع ْن َھا٢) ".مل .(٣-١ :٣وكان أھل السامرة يل ي ُْخ ِط ُ ط الﱠ ِذي َج َع َل إِس َْرا ِئ َ ساقطين مثل ملكھم ،حادوا عن طريق يھوه ،تركوا إله إسرائيل ونسوا عھد يعقوب اح ٌد) ".تث .(٤ :٦وفي وثنية شريرة سجدوا آللھة األمم .لذلك "الرﱠبﱡ إِلھُنَا َربﱞ َو ِ دفعھم رب الجنود ليد أعدائھم ليذلوھم حتى تحققت لعنة جبل عيبال في شوارع السامرة )تث .(٥٨-٥٦ :٢٨وفي ظل ھذه الظروف القاھرة القاسية ،كان مجال الخالص ھو الرجل الواحد ،رجل ﷲ ،إليشع .حفظت ذرة ملح واحدة المدينة كلھا. صار جندي واحد qوسيلة خالص للجمع المحاصر كله .فألجل النبي إليشع أرسل ﷲ خالصه في اليوم التالي .أرسل الطعام الذي كان من المستحيل الحصول عليه بأي ثمن كان ،فاصبح الحصول عليه بأرخص األثمان عند أبواب السامرة .لنا أن نتخيل سعادة الجمع عندما نطق النبي بھذه النبوة .ألنھم كانوا يعلمون أنه نبيا ً .qلقد كان لديه برھانا ً وثيقا ً إلھيا ً على كونه نبي ،فكل نبواته الماضية قد تحققت بالفعل .كانوا يعلمون أنه رجل ﷲ المرسل منه وأنه يتكلم بإعالنات يھوه. بكل تأكيد كانت عيون الملك ستلمع من السرور والجمع المتضور جوعا ً كان سيقفز من الفرح لخبر الخالص السريع من المجاعة" .غداً" سيصرخون "غداً" ،سينتھي جوعنا وسوف نأكل حتى نمتلئ .ولكن جنديا ً )من رتبة رفيعة( للملك كان يستند على
يده عبر عن عدم إيمانه بأقوال رجل ﷲ .ولم يذكر الكتاب أن أيا ً من عامة الشعب قد فعل مثل ھذا الجندي .ولكنه كأحد علية القوم قام بھذا الفعل .ما أغرب ھذا ،إن نادراً ما يختار ﷲ "عظماء ھذا العالم" .فإنه نادراً ما تتفق المراتب العليا والتقدير في العالم مع اإليمان بالرب يسوع المسيح .فھذا الرجل العظيم المكانة قال "مستحيل" واضاف ،مھينا نبي ﷲ إليشع ،قائالَ »ھ َُو َذا الرﱠبﱡ َيصْ َن ُع ُك ًوى ِفي ال ﱠس َما ِء! َھ ْل َي ُكو ُن ِم ْث َل ھ َذا األَ ْم ِر؟«. في الواقع تكمن خطية ھذا الرجل في أنه بالرغم من تكرار األشياء التي تنفي الشك بكل تأكيد بخصوص إرسالية إليشع ،لم يصدق كالم رجل ﷲ المؤكد .فإن ھذا الرجل قدر رأي بالتأكيد ھزيمة مؤاب الماحقة )بسبب إليشع( وأيضا ً بالطبع تعجب ألخبار إقامة إليشع إلبن المراة الشونمية من الموت ،وقد علم أيضا ً أن إليشع قد كشف خطط بنھدد الحربية وضرب جنوده جميعا ً بالعمى ورأى كيف ُخدعَت فيالق آرام بالدخول لقلب السامرة وأيضا ً البد أنه علم باألرملة السامرية التي مأل زيتھا كل اآلنية وخلص أبنائھا من الجوع والرق .وأخيراً كان خبر شفاء نعمان السرياني حديث البالط الملكي كله وشغلھم الشاغل .ولكن والبرغم من تراكم االدلة ويقينية إرسالية النبي إليشع ،لم يؤمن ھذا الرجل وأھان رجل ﷲ بإضافته شرطا ً أن ذلك ليتم لو فتح ﷲ كوى في السماء .وبناء على ذلك أعلن الرب قضاؤه بفم نفس الرجل الذي أعلن حدوث تلك المعجزة )مل .(٢ :٧وأتم التدبير اإللھي – الذي يحقق ما تنبأ به دوما ً – ھذه النبوة في ھذا الرجل فمات ُمدَا َسا ً عليه في شوارع السامرة عند البوابة بعد أن رأي تحقيق النبوة ولكنه لم يذق منھا شيئاً .ربما كانت مشيته متفاخرة فأھانت الناس أو ربما حاول إيقاف إندفاعھم الشديد أو لربما كان ھذا بمحض الصدفة أنه ديس إلى الموت بعد أن رأى تحقيق النبوة ولكنه لم يعش لكي يتمتع بھا .وفي حالته ھذه كان اإليمان عن طريق العيان ،ولكنه لم يكن لإلستمتاع .سوف ألفت إنتباھكم في ھذا الصباح إلى شيئين :أوالً ،خطية ھذا الرجل وثانياً ،عقابه .ربما لن أتكلمه عنه كثيراً بعد ،إذ أني قد سردت كافة الظروف والمالبسات بالتفصيل ولكني سألقي الضوء على الخطية والعقاب الناتج عنھا. أوالً :عن الخطية التي إرتكبھا:
كانت خطيته ھي عدم اإليمان ،إنه الشك في وعود ﷲ .في ھذه الحالة الخاصة اخذ عدم اإليمان شكل الشك في المصداقية اإللھية أو عدم الثقة في قوة ﷲ .وفي كلتا األحوال ھو شك إما في أن الرب كان حقا ً يعني ما يقول أو شك أنه كان في مجال القدرة األلھية أن يحقق ما قيل ويفي بالوعد .عدم اإليمان له أوجه أكثر من أوجه القمر وألوانا ً أكثر من الطاووس .إن العامة يقولون أن الشيطان قد يترائى بشكل أو بأخر .وأنا متأكد ھذا حقيقي بخصوص اإلبن البكر إلبليس الذي ھو عدم اإليمان ،في تنوعه وتعدد أشكاله .في أحيان ما أرى عدم اإليمان في ثياب مالك من نور مسميا ً نفسه اإلتضاع – ولسان حاله "لن أتجاسر على التفكير في أن ﷲ سيغفر لي فأنا خاطئ شرير" .ونسمي ذلك تواضعا ً ونشكر ﷲ أن أخينا في ھذه الحالة الجيدة روحياً .أما أنا فال أشكر ﷲ على ھذا الخداع .إنه الشيطان في ھيئة مالك نور .بيت القصيد ھو عدم اإليمان. وفي أحيان أخرى قد نرصد عدم اإليمان في شكل الشك في عدم تغير ﷲ من جھتنا. فأحيانا ً قد يظن البعض" :الرب يحبني اآلن ولكنه ربما يرفضني غداً"" ،قد ساعدني البارحة وتحت جناحيه إحتميت ولكن ربما ال أخذ منه عونا ً في محنتي القادمة ،ربما علي" .تتجسد ھذه الخيانة يرفضني ،ربما يترك عھده معي وينسى أن يكون منعما ً َ في شك في قدرة ﷲ .فنحن نرى كل يوم ضيقات كثيرة ،ونقع في شباك الصعوبات ونفكر في أنفسنا" :بالتأكيد لن يقدر أن يخلصني الرب" فنجاھد أن نتخلص من النير، وعندما نكتشف عجزنا عن تحقيق ذلك نظن أن الرب عاجز وقصير اليد مثلنا تماماً، وأن قدراته محدودة مثل قدرة اإلنسان. إن من صور عدم اإليمان المفزعة للغاية ھو الشك ،الذي يمنع اإلنسان من اإلتيان للرب يسوع ،والذي يدفع الخاطئ إلى عدم الثقة في قدرة المخلص على نجاته ،الذي يجعله ال يصدق أن المسيح يريد أن يقبل إنسان متع ِد على الشرائع كل التعدي. وأخيراً واألكثر قبحا ً من الكل ھو الخائن ،في ثوبه الحقيقي ،مجدفا ً على ﷲ ومنكراً وجوده من األصل .عدم اإليمان ،واإللحاد بأنواعه ھم الثمار الناضجة لشجرة الھالك ،ھم الحمم البركانية لبركان عدم اإليمان .عدم اإليمان يصير في أكمل صوره عند خلع قناع التخفي ووضعه جانباً ،والجوالن في األرض منجساً لھا صارخا ً بتمرد
عبارة "ال إله" ومجاھداً ھباءاً أن يھز عرش اإلله ،محاوالً رفع ذراعه أمام يھوه وفي كبريائه يريد أن "يخطف من يده السلطان وصولجان الملك ويعيد النظر في عدله ليكون ھو إله ﷲ" وعند ذاك بالحقيقة يصل عدم اإليمان إلى أكمل صوره له وسوف ترونه على حقيقته. فأقل عدم إيمان ھو من نفس طبيعة أعظم عدم إيمان. إنني أتعجب ،ومتأكد أنكم ستتعجبون أيضاً ،عندما أحكي لكم عن أنه يوجد أناس غرباء ،إذ أن إيمانھم سليم وكامل من كل اإلعتبارات في ما عدا إعتبار عدم اإليمان خطية .ولكي يجعلوا محتوى عقيدتھم غير متضارب في مخيلتھم ،ينكرون أن عدم اإليمان خطية .أتذكر شابا ً إنضم لمجموعة من األصدقاء والمرشدين الروحيين كانوا يتحاورون في ما إذا كان عدم اإليمان خطية أم ال بحسب الكتاب المقدس .وفي أثناء النقاش قال "أيھا السادة ،ھل أنا في وسط جماعة من المسيحيين؟ ھل أنتم مؤمنون باإلنجيل أم ال؟" فقالوا" :بالطبع نحن نؤمن" "إذاً" قال الشاب "أال يقول الكتاب: خَطيﱠ ٍة َفألَنﱠھُ ْم الَ ي ُْؤ ِمنُونَ ِبي~ )يو(٩ :١٦؟" وأضاف "أليست الخطية القادمة ~ َع َلى ِ باللعنة للخطاة ھي عدم اإليمان بالمسيح؟" لم أكن أتخيل أبداً أن الناس من الممكن أن يكونوا غير مكترثين لدرجة التجرؤ على القول بل التأكيد بأن "أنه ليست خطية للخاطئ أن ال يؤمن بالرب يسوع" كنت أظن ،انه مھما حاول أولئك الناس أن يساندوا تلك اإلنطباعات لن يتفوھوا بكذبة لكي يعضدوا الحقيقة .في رأيي ھذا ما يحاول يفعله أولئك الناس. إنه أيا ً كان البعد الذي يحاول أولئك الناس أن يدفعوا معتقدھم إليه ،فلن يقولوا كذبا ً لكي يعضدوا ھذا الزعم .الحق برج حصين ،وال يتطلب أبداً مساندته بضاللة .كلمة ﷲ سوف تصمد راسخة أمام كل معترض من البشر .سوف ال أقوم بإختراعات لكي أثبت أنھا ليست خطية لغير المؤمن أال يؤمن بالكلمة ،إذ أني متأكد أنھا كذلك ،ألن الكتاب يقول "ھ ِذ ِه ِھ َي ال ﱠد ْينُو َنةُ :إِ ﱠن ال ﱡنو َر َق ْد َجا َء إِ َلى ا ْل َعا َل ِمَ ،وأَ َحبﱠ النﱠاسُ ﱡ الظ ْل َم َة أَ ْك َث َر ور" )يو (١٩ :٣وأيضا ً "الﱠ ِذي الَ ي ُْؤ ِمنُ َق ْد ِدينَ ،ألَنﱠهُ َل ْم ي ُْؤ ِم ْن ِبا ْس ِم ا ْب ِن ﷲِ ِمنَ ال ﱡن ِ ا ْل َو ِحي ِد) ".يو (١٨ :٣إني أؤكد أن كلمة ﷲ تعلن "عدم اإليمان خطية".
بالتأكيد أنه مع األشخاص المفكرين المنصفين ال يتطلب األمر أي نوع من التعليل. أليست خطية للمخلوق أن يشك في كالم خالقه .أليست جريمة وإھانة للذات اإللھية أن أجترئ أنا ،ذرة التراب ،أن أنكر كالمه؟ أليست قمة الكبرياء ومنتھى التفاخر إلبن آدم أن يقول ،حتى ولو في قلبه" :يا ﷲ ،إني أشك في نعمتك .يا ﷲ ،إني أشك في محبتك .إني أشك في قدرتك" صدقوني يا سادة ،إن إستطعنا أن نجمع كل الخطايا في كتلة واحدة – إن إستطعت أن تأخذ القتل والتجديف والشھوة والدعارة والزنا وكل شيء شرير وتوحدھم جميعا ً في كرة كبيرة من الفساد األسود ،فلن يكونوا أبداً في حجم خطية عدم اإليمان .فعدم اإليمان ھو ملكة الخطايا وجوھر الذنب .وخليط سموم كل الجرائم فھو رأس الخطايا، وأشر ما عمل إبليس وشغله الشاغل. سوف أشرع في ھذا الصباح ،ولفترة محدودة ،أن أريكم الطبيعة الشريرة للغاية لھذه الخطية. .١سوف تظھر لنا شناعة خطية عدم اإليمان عندما نتذكر أنھا أصل كل إثم ،ال يوجد جرم لم تلده خطية عدم اإليمان .فإني أظن أن سقوط اإلنسان يرجع لعدم اإليمان في المقام األول ،فإنه في تلك النقطة كانت تجربة الشيطان لحواء إذ ھمس لھا قائالً "أَ َح ًّقا ال ﷲُ؟" )تك (١ :٣ومراده أن يدس الشك بداخلھا "أحقا ً قال ﷲ؟" وكأنھا يقول "ھل َق َ أنت متأكده إنه قال ذلك" .وھو إستخدم عدم اإليمان – ذلك الخيط الرفيع -الذي نسجه في إدخال الخطية التالية وھي الفضول ،وھلم جراً باقي الخطايا ،وإذ لمست حواء الثمرة دخل الھالك للعالم منذ ذلك الوقت ،وعدم اإليمان ھو الجذر الذي يحمل ثمار كثيرة لكل ذنب. إذاً فغير المؤمن قادر على فعل أشر جريمة أُرتُ ِك َبت أبداً .خطية عدم اإليمان أيھا السادة! إنھا ھي التي َق َست قلب فرعون ،وأعطت القدرة للسان ربشاقي المجدف، وھي المسئوله عن قتل مخلصنا يسوع المسيح....
خطية عدم اإليمان ھي التي سنت سكين اإلنتحار وخلطت عدة كئوس من السم، وجلبت للھالك اآلالف ،وربوات إلى خزي القبر ،أولئك الذين تخلصوا من حياتھم وذھبوا للدينونة أمام عرش خالقھم بأيدي ملوثة بالدماء وكل ذلك بسبب عدم اإليمان. أرني إنسانا ً غير مؤمناً ،وقل لي أنه يشك في كلمة ﷲ ،وأنه ال يصدق وعود وال وعيد ﷲ ،وكل ھذه ھي البداية ،وسوف أستنتج أن ھذا الرجل سوف يُستَذنَب شيئا ً فشيئا ً بأشنع الخطايا ،ما لم تُما َرس عليه قوة ما معيقه لما ھو مزمع بأن يفعل – آه فإن تلك ھي خطية بعلزبول ،إنھا رأس كل األرواح الشريرة .لقد قيل عن يربعام أنه أخطأ وجعل كل إسرائيل يخطئ ،إذاً نستطيع أن نقول عن عدم اإليمان أنھا خطية ال تخطئ في ذاتھا فقط بل تدفع األخرين للخطية أيضاً .فھي أصل كل خطية وبذرة كل تجديف ،وفي الواقع نستطيع أن نقول ان كل شيء شرير يقبع في ھذه العبارة "عدم اإليمان". ودعني أقول ھنا ،إن عدم اإليمان عند المؤمن ھو من نفس نوع وطبيعة عدم اإليمان عند الغير مؤمن ،ولكن وضعيھما ال يتماثال في النھاية )أي عدم اإليمان عند المؤمن وغير المؤمن بالمسيح له المجد( ألنه بالنسبة للمؤمن سوف ترفع عنه خطيته ،نعم َسيُسا َمح عن عدم إيمانه؛ فإن خطيته موضوعة على حمل الفداء القديم الوحيد .فقد رُف َعت و ُك ِف َر عنھا في كفارة المسيح ولكنھا في ذاتھا من نفس الطبيعة الشريرة )لعدم اإليمان عند غير المؤمن(. ولكن في الواقع توجد خطية أكثر شناعة من عدم إيمان الخاطئ وھي عدم إيمان القديس .فإن شك المؤمن بكالم ﷲ وإرتيابه في إلھه بعد عدة من إختبارات حب ﷲ ورعايته ،وآالف الدالئل على رحمته ،يجعل خطية عدم إيمانه أسوأ من عدم إيمان الھالك .فعند القديسين أيضا ً يكون عدم اإليمان ھو أصل كل خطية يرتكبونھا .عندما أكون كامالً في اإليمان أكون كامالً في كل شيئ أخر .سوف أطيع الوصية دائما ً ما دمت دوما ً مؤمنا ً بالوعد ولكنني بسبب إيماني الضعيف أقع في الخطية. ضعني في مشاكل وضيقات ،وإن إستطعت وقتھا أن أضم يديي ،كناية عن التسليم، وأقول " َي ْھ َو ْه ِيرْ أَ ْه" )تك" (١٤ :٢٢ﷲ ُ َي َرى َلهُ" حالً )تك .(٨ :٢٢فلن تجدني آنذاك محاوالً ان أستخدم طرقا ً ملتوية للھروب من الضيقة .واآلن إفترض أنني في ضيقة
زمنية وكنت مرتابا ً في صالح ﷲ ،ماذا بعد؟ ربما أسرق أو أقوم بعمل غير شريف ألھرب من يد الدائنين ولكن إن أُمسكت عن مثل ھذه التعديات ،ربما أنغمس في أي مسرات أرضية في محاولة التخلص من مخاوفي .فبمجرد دخول عدم اإليمان إلي القلب قد إنفلت الزمام تماماً .ومن ذا الذي يستطيع التحكم بجواد جامح دون زمام. مثل فايتون وھو يقود مركبة الشمس إذ صعقه البرق وقذف به في نھر بو كذلك المؤمن بدون إيمانه .وأقول ثانية :خطية عدم اإليمان ھي أم كل الشرور. .٢خطية عدم اإليمان ال تلد الخطية فقط بل تبنيھا وتنعشھا .كيف إستطاع الشعب في البرية أن يبقوا على خطيتھم بالرغم من تھديد وتحذير موسى؟ وكيف بعدما يصيح ُون ُكلﱡ َم ْن الَ َي ْثب ُ إبني زبدي )الوعاظ( من المنابر وينادون بنعمة ﷲ ،قائلين » َم ْلع ٌ ُت وس ِل َي ْع َم َل ِب ِه« )غل – (١٠ :٣معلنين يع َما ھُ َو َم ْكتُوبٌ ِفي ِكتَا ِ ب النﱠا ُم ِ ِفي َج ِم ِ تھديدات عدالة ﷲ الرھيبة لكل متع ٍد على الناموس ،ال تزال قلوبھم رغم ذلك متحجرة ويستمرون في السير في طرقھم الشريرة؟ سوف أوضح لكم أنه بسبب عدم اإليمان ال يوجد تأثير للتھديد على أولئك الناس. عندما يذھب العمال للعمل في مواقع الحفر ،ال يعملون أمام الحوائط حيث يستطيع المالحظون أن يرصدوھم ،بل يكوموا ألنفسھم سواتر من التراب لكي يستتروا وراءھا ويفعلوا ما يحلو لھم .ھكذا أيضا ً الحال مع غير المؤمين .يزرع بداخله الشيطان عدم إيمان وبالتالي فھو يبني لنفسه الساتر )عدم اإليمان( ليجد خلفه ملجأ من تھديدات وتحذيرات الكتاب المقدس لكل من ال يؤمن .آه أيھا الخطاة عندما يحطم الروح القدس له المجد عدم إيمانكم وعندما يستحضر الحق بداخلكم بقسوته وكماله. سترون كيف يعمل الناموس في نفوسكم .إذا آمن شخص ما "ال ﱠنا ُموسُ ُم َق ﱠدسٌ ، صا ِل َحةٌ" )رو (١٢ :٧سوف يشعر أنه معلق فوق فوھة صيﱠةُ ُم َق ﱠد َسةٌ َوعَا ِد َلةٌ َو َ َوا ْل َو ِ الجحيم ،لن يتواجد نائما ً في إجتماعات الكنيسة ،ولن يوجد حينئذ سامعون مستھترون ولن يخرج أحد من اإلجتماعات وينسى كيف يجب عليه أن يسلك بلياقة في كل وقت لمجد ﷲ. آه! عندما نتخلص من عدم اإليمان ،وقتھا لن يكون غضب السماء معلنا ً على غير المؤمنين وسينجوا الكثيرون من الھالك األبدي.
واآلن كيف يستطيع الناس أن يسمعوا توسالت صليب الجلجثة وال يأتون للمسيح؟ كيف بعدما نعظ عن آالم المسيح ونختم بقول "يوجد مكان لكل من يقبل" وكيف بعدما نحكي عن صليبه ومحبته ،ال تذوب قلوب الرجال؟ في رأيي أن قصة الجلجثة كافية ألن تحطم حتى الصخر .ألم تتشقق الصخور عند رؤيتھا الرب وھو يموت .أظن ما حدث في الجلجثة يكفي لجعل الحجر الصوان يذرف الدموع وأن يجعل أقسى وأشقى الناس يبكي بحرقه من ھذه المحبة الكفارية. ومع ذلك نحكي القصة مراراً وتكراراً ولكن أين ذا الذي يبكي؟ من يھتم بھا أدنى إھتمام؟ يا سادة أنتم تجلسون غير مكترثون لما يقال وكأنه ال يمسكم بشيء" .تطلعوا يا جميع عابري السبيل ،أال يعنيكم موت المسيح" تردون "ال يعنينا" .ماھو السبب إذاً؟ إنه عدم اإليمان الحائل بينكم وبين صليب المسيح .إن لم يكن ھناك برقعا ً سميكا ً بينكم وبين عيون المخلص لكانت نظراته أذابتكم .ولكن عدم اإليمان ھو ما يمنع قوة اإلنجيل من التغلغل إلى النفس الخاطئة والعمل فيھا :إلى حين دخول الروح القدس طارداً "عدم اإليمان خارجاً ،ممزقا ً الخيانة والشك وبالتالي سوف يعمل اإلنجيل عمله .ويدفع الخاطئ إلي قبول المسيح ربا ً وسيداً واضعا ً فيه كل الرجاء. ان .٣عدم اإلنسان يكفف اإلنسان عن عمل أي عمل صالح " َو ُك ﱡل َما َلي َ ْس ِمنَ ا ِإلي َم ِ خَطيﱠةٌ" )رو (٢٣ :١٤ھي حقيقة عظيمة من عدة إعتبارات ألنه " ِبدُو ِن إِي َما ٍن الَ َفھ َُو ِ ضا ُؤهُ" )عب .(٦ :١١سوف ال تسمعوني أقول شيئا ً يخالف األخالق ولن يُ ْم ِكنُ إِرْ َ تسمعوني أقول أن األمانة شيء سيئ أو أن الرزانة شيء سخيف ،بل على العكس من ذلك ،سوف أمدح ھذه الصفات ولكن سأعقب بعد ذلك أنھا مثل العمالت األجنبية تستخدم في مكان ما ولكنھا ال تصلح لإلستخدام في إنجلترا ،فھذه الفضائل قد تكون ذات فائدة فى األرض )فھي تجلب المدح لفاعلھا ،وتساعد األخرين وبالتالي تخلق نوع من الرضا عن النفس وتحقيق الذات( .ولكنھا ليست كذلك في السماء أمام ﷲ .إن لم تكن تمتلك شيئا ً أفضل من البر الذاتي فلن تقدر أن تذھب للسماء .بعض القبائل الھندية تستخدم قطع من صغيرة من القماش بدالً من المال ،وإن كنت تعيش معھم لن تستغرب ھذا األمر أبداً ولكن إن أتيت به إلي إنجلترا لن تفي قطع القماش ھذه بالغرض .إذاً األمانة ،الرزانة ،اإلستقامة ،وكل ھذه الفضائل ربما تكون حسنة ومقبولة من الناس .وكلما إمتلكت منھا أكثر كلما زاد مقامك وسط الناس .بل أحثكم
أن تتسموا بكل " َما ھُ َو َج ِليلٌُ ،ك ﱡل َما ھ َُو عَا ِدلٌُ ،ك ﱡل َما ھُ َو َ طا ِھرٌُ ،ك ﱡل َما ھُ َو ُم ِسرﱞ، صيتُهُ َح َس ٌن ،إِ ْن َكان ْ ضي َلةٌ َوإِ ْن َكانَ َم ْد ٌح" )في (٨ :٤ولكن إعلموا أنھا لن َت َف ِ ُكلﱡ َما ِ تفي بنوال رضى ﷲ .فالفضائل بغير إيمان ھي خطايا ولكن المعة )أي شكلھا حسن ومقبول من الناس ولكن ليس من ﷲ( .الطاعة بدون إيمان ،إن وجدت ،ھي عدم طاعة مغشاة بالذھب الالمع. عدم اإليمان يلغي كل شيء .إنه حشرة ميته في شراب فاخر ،سم قاتل في كأس من العسل .فبدون إيمان ،رغم كل الفضائل الجميلة ،والحب للبشر ،ومع لطف التعاطف مع األخرين الخالي من الذات ،ومع كل مواھب الذكاء ،ومع كل شجاعة الوطنية ،أو أي شيء أخر ،بدون إيمان ال يمكن إرضاؤه )إرضاء ﷲ(. أال ترون إذاً ما أسوأ خطية عدم اإليمان ألنھا تمنع اإلنسان عن عمل أي شيء صالح )في نظر ﷲ( .نعم ،وحتى في المؤمنين عدم اإليمان معطل أساسي لعمل المؤمن. دعوني أقص عليكم من حياة الرب يسوع ،كان لرجل ما إبنا ً مريضا ً مسكونا ً بروح شرير وكان يسوع في جبل طابور له ھيئة متغيره )في حادثة التجلي( .وأحضر ھذا الرجل إبنه للتالميذ .فماذا فعلوا؟ قالوا "نخرج منه الروح الشرير" ووضعوا أيديھم عليه وحاولوا أن يفعلوا ذلك ،ولكنھم تفكروا في أنفسھم وقالوا "نخاف أال نستطيع" ومع مرور الوقت بدأ الفتى يزبد من فمه وينبش األرض وھو في نوبة صرع .كانت الروح الشيطانية التي فيه تتحرك وال زالت موجودة بداخلة .وأعاد التالميذ المحاولة ھبا ًء فظل الروح الشرير بداخله رابضا ً كأسد في عرينه لم يقدروا أن يزحزحوه من مكانه .صاح التالميذ "أخرج" ولكنه لم يسمع لھم .صاح التالميذ "إذھب للھاوية" ولكنه ظل مكانه غير متحرك .فالشفاة الغير مؤمنة ال تقدر أن تخيف الشرير الذي كان بمقدوره أن يقول "أنا أعلم اإليمان ،وأعلم المسيح ولكن من أنتم؟ ليس لديكم إيمان" .لو كان لھم إيمان مثل حبة خردل لربما كانوا إستطاعوا أن يخرجوا الروح الشرير .ولكن إيمانھم إختفى ولذلك لم يقدروا أن يفعلوا شيئاً. أنظروا إلى قصة بطرس الرسول ،عندما كان عنده إيمان ،مشى على الماء ووكان شيئا ً مبھراً أكاد أحس به كيف أنه مشي على األمواج .ربما لو أن إيمانه كان قد إستمر ولم يضعف لكان مشى عبر األطلنطي حتى وصل إلى أمريكا .ولكن عندما
علت موجةٌ خلفه ظن في نفسه قائالً "ھذه الموجة سوف تغرقني" وجائت أخرى ھكذا أيضا ً وبعد ذلك فكر "كيف أكون بھذه الجراءة ،أين الحذر؟ كيف سمحت لنفسي بالمشي على الماء؟" وبدأ بطرس يغرق .لقد كان اإليمان ھو طوق نجاة بطرس، فاإليمان كان ھو السر الذي حفظ بطرس ماشيا ً على األمواج ولكن عدم اإليمان أغرقه .أال تعلمون أن علينا ،طوال حياتنا ،ان نمشي على الماء؟ فحياة المؤمن ھي دائما ً مشيا ً على الماء – على األقل حياتي أنا كذلك – وتأتي كل موجة لكي تبتلعه وتفترسه ولكن اإليمان يثبته في مواجھتھا .يتمكن الضيق من النوال منك في لحظات عدم إيمانك فتھوي ألسفل منھزماً .آه "لماذا تشكون إذاً؟". اإليمان ينمي كل فضيلة ،بينما عدم اإليمان يقتلھم واحدة فواحدة .كم قتل عدم اإليمان آالف الصلوات الوليدة وھي الزالت في مھدھا .نستطيع أن نقول أن جرم عدم اإليمان األشنع ھو قتل الرضع .كم من تضرعات وليدة ُم ِن َعت ،وتسبيحات ،كان من الممكن أن تزلزل السماء ُك ِبتَت بسبب شفاة غير مؤمنة .وكم من مشروعات نبيلة ضدَت قبل نضوجھا بسبب عدم اإليمان .كم من وعظيمة ولدت بخاطر أحد وأُج ِھ َ رجال كان من الممكن أن يكونوا مرسلين يجاھرون بإنجيل ﷲ بجسارة ولكنھم لم يعملوا أي شيء بسبب عدم اإليمان .إدفع عمالقا ً إلي جانب عدم اإليمان تجده يصير قزماً .فاإليمان ھو مثل سر قوة شمشون للمسيحي ،إنزعه منه فيصبح أعمى عاجز عن فعل أي شيء. .٤مالحظتنا التالية ھي عن العقاب الشديد لعدم اإليمان .أذكركم بمشھد من كلمة ﷲ. أرى فيه عالم جميل فيه الجبال تضحك في وجه الشمس والمروج تتغنى بأشعتھا الذھبية .أرى الفتيات يرقصن والرجال يغنون فرحين .يا له من منظر سار ولكن ھوذا رجالً عجوزاً موقراً يرفع يديه ويصرخ "الطوفان سوف يغرق األرض؛ ينابيع األرض األسفلى سوف تنفجر ألعلى وكل شيء سينغمر بالمياه .ولكن إنظروا ھا ھنا فلكاً ،صنعته بيداي على مر ١٢٠سنة ،أھربوا إليه ،إختبئوا فيه فتكونون في أمان. "ھه ھه! أيھا العجوز! إذھب عنا بخرافاتك! دعنا سعداء ما دمنا نستطيع أن نفرح، وعندما يأتي طوفانك ھذا وقتھا سوف نبني ألنفسنا فلكا ً ولكن لن يأتي فيضان ،قل كالمك ھذا لألغبياء .أما نحن فلن نصدق مثل ھذه الخرافات"
ويتابع ھؤالء رقصھم وغناھم في عدم إيمان .أال تسمعوت صوت إنقالب األرض؟، لقد بدأت باطن األرض في التحرك ،ومن وسط ثناياھا المجھدة من فرط اإلنضغاط إنفجرت السيول المغرقة غير المخبر عنھا منذ ھيأھا ﷲ بداخلھا .لقد إنشقت السماوات وھي ال قطرات بل غيوم وكأنھا شالالت مثل شالالت نياجرا تھطل من أعلى السماء .واآلن أين أنتم يا عديمي اإليمان؟ ھاھم المتبقون منكم ،أرى رجالً واقفاً على أعلى قمة فوق الماء وإمرأته ممسكة به من وسطه والماء مرتفع فوق خاصرته إلى اآلن .أال تسمعوا صرخته األخيرة؟ ھا جسده عائما ً فوق الماء بعد أن مات غرقاً. وبعد نوح يتلفت حوله فال يرى شيئا ً البتة إال فراغ فسيح .كل شيء قد تغطى بالماء، لماذا حدث ھذا؟ ما الذي جلب الطوفان على األرض؟ إنه عدم اإليمان .فباإليمان نجا نوح وإسرته من الطوفان وبعدم اإليمان غرق باقي الناس. أال تعلمون أن عدم اإليمان وقف حائ ً ال بين موسى وھرون ودخولھم إلى أرض الموعد؟ إذ لم يمجدوا ﷲ إذ ضربوا الصخرة التي كان يتوجب عليھم أن يكلموھا .ھم لم يصدقوا كالم ﷲ ،ولذلك أتى عليھم تأديب ﷲ أال يرثوا في أرض الموعد التي تعبوا كثيراً ألجلھا .دعوني أخذك إلى حيث عاش موسى وھرون ،إلى البرية الموحشة .سوف نمشي فيھا بعض الوقت نتجول مثل بدو الصحراء .ھنا نرى جثة قد إبيضت من أشعة الشمس ،وھناك أخرى وأخرى .ما معنى ھذه العظام المبيضة؟ ما ھذه االجساد الملقاة ،ھنا رجل وھناك أمرأة؟ ما كل ھذا؟ كيف أتت ھذه الجثث إلى ھنا؟ بالتأكيد كان ھناك معسكر في ھذا المكان جمھور غفير من الناس وباغتھم الموت في ليلة ما ،من حيث ال يدرون .ربما كانت مذبحة أو إنفجار كما قد يظن البعض ،ولكن الحقيقة أن ھذه عظام بني إسرائيل وھذه الھياكل العظمية ھي ھياكل أسباط يعقوب الذين لم يقدروا أن يدخلوا أرض الموعد بسبب عدم اإليمان )عب:٣ .(١٩فلقد صدقوا الجواسيس عندما قالوا لھم أنه ال يقدرون أن يدخلوا األرض .فكان موتھم بسبب عدم إيمانھم .لم يكن العناقيون السبب ،لم تكن البرية بكل ضراوتھا ھي السبب ،ولم يكن نھر األردن ھو الحائل الحقيقي لدخلوھم أرض كنعان ،إنھا خطية عدم اإليمان .ويا لھا من دينونة على إسرائيل ،فبعد أربعين سنة من الترحال ،لم يدخلوا إلى األرض بسبب عدم اإليمان!!
وعلى سبيل المثال أيضا ً ال الحصر ،ماذا حدث مع زكريا الكاھن ،حيث بسبب شكه ضربه المالك بالخرس وأغلق فمه بعدم اإليمان .ولكن أبشع صورة لعدم اإليمان وعقاب ﷲ له ھي حصار أورشليم عام ٧٠م ،وكيف ذبح الرومان كل اليھود بالسيف وھدموا أورشليم والھيكل وباعوا بني إسرائيل عبيداً في أسواق النخاسة ،أال تعرفون ما فعله تيطس الروماني؟ أال تعلمون ما حدث في ماسادا وكيف كان اليھودي يذبح أخيه اليھودي لئال يقع في أيدي الرومان؟ أال تعلمون أنه حتى ھذا اليوم )في القرن الثامن عشر( مازال اليھودي تائھا ً في األرض كغريب بال أرض وال وطن؟ لقد نزع مثل غصن من الكرمة ،ولما حدث لھم كل ھذا؟ بسبب عدم اإليمان .ففي كل مرى نرى أحد اليھود حزينا ً ومتجھم الوجه ،كل مرة تراه كغريب بال وطن يمشي كالمنفي في أرض عيشته ھذه أو تلك قل له "إن السبب في قتل المسيح ھو عدم اإليمان ،وھذا ما تسبب في تغربك عن أرضك ،واإليمان وحده – بالناصري المصلوب – كفيل بأن يرجعك لوطنك ويرجع لوطنك ھيبته القديمة .أال ترون أن خطية عدم اإليمان لھا عالمة قايين على جبھتھا؟ فا qيكرھھا وقد أتي عليھا بضربات كثيرة وحتما ً سوف ينھي عليھا تماماً .فعدم اإليمان إھانة ،qكل خطية ھي تعدي على سلطان ﷲ ولكن عدم اإليمان يھدف للتشكيك في إلوھيته ،وتكذيب مصداقيته ،ونكران إحسانه، وتجديف على كماله ،ومواراة لحقيقته وشخصه .لذلك يكره ﷲ ھذه الخطية مھما كانت صورتھا أو شكلھا. .٥أخيراً لكي ننھي الكالم في ھذا الموضع ،إذ أني أطلت عليكم بما فيه الكفاية حتى اآلن .دعوني ألفت إنتباھكم لشناعة وبشاعة ھذه الخطية في أنھا خطية الدينونة )الموت األبدي( يوجد خطية واحدة حقا ً لم يمت المسيح ألجلھا ،وھي التجديف على الروح القدس. وتوجد خطية أخرى لم يكفر عنھا المسيح .أذكروا لي أي خطية من الممكن أن يرتكبھا إنسان وسوف أريكم الكثير من الناس ممن نالوا الغفران من جھتھا .ولكن إسألوني إن كان من الممكن خالص إنسان مات غير مؤمنا ً وسأجيب أن مثل ھذا ال خالص له! يوجد خالص لخطية عدم إيمان لمؤمن بالمسيح ،ألن ھذه الحالة مؤقتة ولكن عدم اإليمان كحالة عامة يموت بھا اإلنسان لم ولن يُ َك َفر عنھا .من الممكن أن تفتشوا في الكتاب المقدس وسوف تجدون أن من مات غير مؤمنا ً ال حياة له وال
كفارة وال رحمة .إن كان مذنبا ً بكل الخطايا األخرى عدا عدم اإليمان لكان وجد غفرانا ً لھا جميعاً ،ولكن من كل الخطايا ،عدم اإليمان ھي اإلستثناء الوحيد من قائمة الغفران التي بسببھا قد دين غير المؤمن .وبعد تُمسك به شياطين الھاوية وتسحبه إلى أسفل حيث الموت األبدي ،وھو بال إيمان وبال رجاء ،إنه لمثل ھذا قد أنشئ الجحيم، فھو نصيبه وأخرته السجن األبدي ولكل واحد منھم سلسلة محفور أسمه عليھا وسوف لألبد يعلمون أن "الﱠ ِذي الَ ي ُْؤ ِمنُ َق ْد ِدينَ " )يو(١٨ :٣ ثانياً :عقاب عدم اإليمان: »إِنﱠكَ َت َرى ِب َع ْي َنيْكَ َول ِكنﱠكَ َ ال تَأْ ُك ُل ِم ْن ُه«٢) .مل .(١٩ :٧يا عديمي اإليمان قد سمعتم ْ ك الَ تَأ ُك ُل ِم ْنهُ« . ك َول ِكنﱠ َ ك َت َرى ِب َع ْي َن ْي َ اليوم عن خطيتكم واآلن أصغوا إلى العقاب» :إِنﱠ َ ً )٢مل (١٩ :٧وحتى مع قديسي ﷲ فاألمر كذلك أيضا ،في حاالت ضعف إيمانھم، أنھم يرون رحمة ﷲ ولكن ال يتذوقون منھا شيئاً .إنه حتى في إجتماعاتنا التي يأتي لھا الكثير من قديسي ﷲ ،إنھم يقولون في قلبھم "ال أعرف ھل سيكون الرب معي أم ُكرز به ،ولكن ال أعرف إن كان ال"؛ والبعض األخر يقول "حسناً ،إن اإلنجيل ي َ وخوف .فقط إصغي لھم وھم خارجون من ك ٍ سيالقي قبوالً أم ال" فھم دوما في ش ٍ الكنيسة "حسناً،ھل تناولت وجبة جيدة اليوم أما ال؟" قد يسأل أحدھم ،فيجاوبه األخر "لم أحصل على شيء البتة" بالطبع لن تحصلوا على شيء إذ أنكم إستطعتم أن تروا الطعام مقدم ولكن لم تأكلوا منه شيئا ً ألنه لم يكن لكم إيمان .ألنه إن أتيتم في قلوبكم إيمان لكنتم أكلتكم أدسم وجبة روحية. إني أعرف الكثير من المسيحيين المؤمنين الذي وصلت حالتھم الروحية إلى مراحل حرجة للغاية فھم ال يأكلون )روحياً( ما تقدمه لھم من طعام في وقت الحصاد إال إذا كان مقطعا ً ومطھوا ً ومقدما ً بشكل يطيب لخاطرھم وإال فلن يقتربوا منه البتة! أو يفضلون ان يمضوا بدون طعام وسوف يمضون بدونه إلى أن تأتيھم شھيتھم مرة أخرى .ربما يمرون ببعض الضيق الذي له تأثير الدوار عليھم أي يعالج ضعف إيمانھم أو ضعف شھيتھم لغذاء الروح ،سوف يجبرون أن يأكلوا والمر في أفواھھم، ربما يزج بھم في السجون يوما ً أو إثنين حتى تعود لھم شھيتيھم .وعندئذ سوف يكونون سعداء أن يأكلوا حتى األكل التقليدي عندما يقدم لھم على طبق تقليدي أو
حتى بدون طبق .إذاً السبب الحقيقي لعدم تغذية ارواح المؤمنين ،في وجود تعليم كتابي سليم ،ھو عدم إيمانھم .ألنه كان سيكفي أن يستمع إلى أحد وعود ﷲ أو إلى كلمة تعزية بسيطة من فوق المنبر لتكون غذاء لروحه .ألنه ليست كمية المعلومات الداخلة إلى أذھاننا ھي مقدار تغذيتنا ولكنه كم ما نصدقه منھا بقلب غير مرتاب – وھذا بالتحديد ربحنا الحقيقي. واآلن دعوني أطبق ھذا أيضا ً على غير المؤمنين .فھم يرون بأعينھم عظيم عمل ﷲ ولكنھم ال يأكلون منه .لقد أتى ھذا الصباح العديد من الناس ليشاھدوا بأعينھم ولكنني أشك أن كل الحضور سوف يأكلون مما يقدم .فالناس ال تقدر أن تأكل بأعينھا ألنه لو كان كذلك لصار كل الناس يعانون من السمنة .وبالطبع ال يقدر أن يتغذى أحد روحياً عن طريق السمع فقط وال بأن يشاھد الواعظ يتحدث ،وواقع الحال أن الجموع تأتي لسماع الواعظ ولسان حالھم "دعونا نستمع لما سيقوله المتحدث ،ھذه القصبة التي تحركھا الرياح" وھم بال إيمان يأتون ويرون ويرون ويرون ولكن ال يأكلون أبداً. ففي األمام يجلس أحدھم وقد تغير بالفعل بواسطة الكالم .وأخر بالخلف إجتذبته نعمة ﷲ وبدأ يبكي تحت وطأة خطاياه وأخر يطلب رحمة ﷲ ورابع يقول "اللھم إرحمني أنا الخاطئ" فعمل روح ﷲ الرائع ال يكف ھنا وفي أي مكان .ولكن البعض ال يعي أي شيء عنه ،إذا ال يوجد أي تغيير بداخلھم ،ولماذا؟ ألنكم تعتقدون أن ھذا مستحيل وأن ﷲ ال يعمل على خالص أحد .فھو لم يعد أن يعمل في من ال يكرمه .وعدم إيمانكم ھذا يجعلكم تجلسون ھنا في أيام النھضات الروحية حيثت تتدفق نعمة ﷲ على كل من يقبلھا ،غيرمتأثرين ،غير مدعوين ،وغير مخلصين. ولكن يا سادة ،أسوأ في ما في القضاء اإللھي لم يتحقق بعد ،كان رجل ﷲ الرائع وايتفيلد يرفع يديه اإلثنين ويصرخ وأتمنى لو أني أستطيع أن أصرخ ولكن صوتي يخذلني "إحذروا من الغضب اآلتي ،إحذروا من الغضب اآلتي" إنه ليس غضب اآلن ما ينبغي أن تخافوه ولكن الغضب اآلتي ،ھو ما يجب أن تخافوه ،الذي فيه يستعلن الدينونة والھالك اآلتيين حين "» َت َرى ِب َع ْي َنيْكَ َول ِكنﱠكَ الَ تَأْ ُك ُل ِم ْنه ُ« شيئاً .أتخيل أني أرى اليوم األخير .ودقات الساعة األخيرة ،إني أسمع رنات الجرس معلنه موعد الموت اآلن .الزمان كان وأصبح ماضيا ً واألبدية قد بدأت .البحر يغلي واألمواج مضاءة بشعاع عظيم .أرى قوس قزح وغيمة طائرة وعليھا عرش وعليه جالس
واحد شبيه بإبن اإلنسان .أنا أعرفه ،في يديه ممسكا ً بميزان وأمامه أسفار ،سفر الحياة وسفر الموت وسفر سجالت االحداث .أرى عظمته وأغني لھا وأرى ظھوره ﱠب ِم ْنهُ )وسط( ِفي ﱢيسي ِه َويُ َت َعج َ المھيب ،وأبتسم بإبتھاج ألنه " َي َت َم ﱠج َد ِفي )وسط( ِقد ِ يع ا ْل ُم ْؤ ِم ِنينَ " )٢تس .(١٠ :١ولكنني أرى أيضا ً حشداً تعيسا ً يزحفون مرتعبين َج ِم ِ محاولين أن يخفوا أنفسھم ومع ذلك فعيونھم تراقب ذاك الذي ثقبوا يديه ورجليه، ور»:ا ْسقُ ِطي َع َل ْينَا َوأَ ْخ ِفينَا ع َْن َوجْ ِه ولكنھم يصرخون " َوھُ ْم َيقُولُونَ ِل ْل ِج َبا ِل َوالصﱡ ُخ ِ ُوف«" )رؤ .(١٦ :٦من وجه من يا ترى؟ ب ا ْلخَ ر ِ َض ِ ش َوع َْن غ َ س َع َلى ا ْل َعرْ ِ ا ْل َجا ِل ِ من وجه يسوع المسيح الذي مات ولكنه عاد لكي يدين .ولن تقدروا أن تختبئوا من وجھه .سوف ترون بأعينكم ولكنكم لن تجلسوا عن يمينه البسين ثوب العظمة. وعندما يأتي موكب يسوع المنتصر على السحاب لن تسيروا فيه ،سوف ترونه ولكنكم لن تكونوا فيه .أرى المخلص العظيم في مركبة راكبا ً السحاب إلى المدينة السماوية .أرى جياد مركبته القوية وھي تزلزل السماء وھو يقودھم ألعلى وھو محاطا ً بربوات قديسيه من خلفه .وتحت عجالت مركبته رأيت الشيطان والموت ص ِعدْتَ إِ َلى والجحيم مربوطين مھزومين أمام سلطانه .والكل يصفق ويھلل له " َ ك الرﱠبﱡ ا ِإللهُ ْال َعالَ ِءَ .س َبيْتَ َس ْبيًا" )مز (٨ :٦٨ويرتلون قائلين " َھ ﱢللُو َيا! َفإِنﱠهُ َق ْد َم َل َ ا ْل َقا ِد ُر َع َلى ُكلﱢ َش ْي ٍء" )رؤ .(٦ :١٩أال ترون طلعتھم البھية والتيجان على رؤوسھم وثيابھم البيضاء وإبتھاجھم وأغانيھم تمأل السماء والكامل معھم قائالً "أَ ْف َر ُح ِب ِھ ْم ُ َ َ ض ِباألَ َما َن ِة ِب ُك ﱢل َق ْل ِبي َو ِب ُك ﱢل َن ْف ِسي) ".أر:٣٢ ألحْ ِسنَ إِ َل ْي ِھ ْمَ ،وأ ْغ ِر َسھُ ْم ِفي ھ ِذهِ األرْ ِ (٤١ألني خطبتكم لنفسي لألبد. ولكن أين ستكونون أنتم كل ھذا الوقت؟ تقدرون أن تشاھدوا بأعينكم ولكن لن تقدروا أن تأكلوا معھم .فقد أتى العريس وبدأ العرس وبدأت الوليمة وھم جالسون في عشاء الملك ولكن ھا أنتم جالسون بعيداً ھناك جائعين تعساء وغير قادرين أن تأكلوا معھم. تمدون أيديكم بإذالل لعلكم تنالون لقمة – لعلكم تكونون كالكالب أسفل المائدة .سوف تكونون كالكالب ولكن في الجحيم وليس في السماء. والخالصة أظن أني أراكم في مكان ما في الجحيم مربوطين في صخرة وطيور الندم تنھش في قلوبكم وأنتم ترون لعازر جالس في حضن أبيه إبراھيم وتقولون "ھذا الرجل الفقير الذي كان يجلس عند مزبلتي وكانت الكالب تلعق قروحه ھا ھو اآلن
في السماء بينما أنا مطروح ھكذا في الجحيم ".وسوف تنادي على إبراھيم وتقول " َيا أَ ِبي إِب َْرا ِھي َم ،ارْ َح ْم ِنيَ ،وأَرْ ِسلْ ِل َعاز ََر ِل َي ُب ﱠل َ ط َرفَ إِصْ َب ِع ِه ِب َما ٍء َويُ َب ﱢر َد ِل َسا ِني ،ألَ ﱢني ب" )لو .(٢٤ :١٦ولكن بالطبع لن يحدث ھذا ابداً وإن ُو ِج َد شيئاً ُم َع ﱠذبٌ ِفي ھ َذا اللﱠ ِھي ِ في الجحيم أسوأ من األلم سيكون ھو أنك تشاھد القديسين في السماء بينما أنت معذب في الجحيم .تخيل أنك ترى أمك التقية بينما أنت معذب بالخارج .فكر فقط في أنك سترى أخيك الذي شاركك المھد ولعب معك تحت نفس السقف في السماء وأنت ال تقدر أن تشاركه في ذلك .وأنت أيھا الزوج سوف ترى زوجتك في السماء وأنت مطرو ٌح خارجاً .وأنت كذلك أيھا األب سترى إبنك على يمين عرش العظمة بينما تمكث أنت ملعونا ً من ﷲ والناس. إن الجحيم الحقيقي ھو أن نرى من نحبھم في السماء ونحن في الجحيم عاجزون عن أن نكون معھم .إني أتوسل إليكم ،أيھا السامعون ،بموت المسيح وبأحزانه ودماه وبصليبه وبمحبته وبكل ما ھو مقدس في السماء واألرض وبكل ما ھو بھي ٌج في السماء ،ومحزن في الجحيم أن تتذكروا كل ھذه األشياء وأن تتذكروا أنكم لو ھلكتم فإن ما أدى للعنتكم ھو عدم اإليمان وھو الذي أودى بكم للھالك .وإن فنيتم فھذا ألنكم لم تؤمنوا بالمسيح وھذا ھو أ َمر ما في األمر – أنكم لم تؤمنوا بالمخلص. آمين. ترجمة األخ رودلف فون منتسل