بين الطب النبوي والطب الحديث ::ال تنافي بينهما :: فالحرص على األوراد واألذكار واتباع هدي النبي في التداوي تعبدا وطلبا للشفاء ،ال ينافي استكمال التعبد بطلب أسباب العالج المباح األخرى ،مما فتح اهلل به وفهمه البن آدم .من ذلك ما رواه ابن أبي خزامة عن أبيه قال ( :سألت رسول اهلل ، فقلت :يا رسول اهلل أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها ،هل ترد من قدر اهلل شيئا؟ قال :هي من قدر اهلل) [أحمد والترمذي] .وعن أنس رضي اهلل عنه قال :إن رسول اهلل قال ( :إِن الله عز وجل ح ْيث خلق الداء خلق الدواء فتداو ْوا) [أحمد] .وعن أسامة بن شريك رضي اهلل عنه قال :قال ْت األ ْعراب :يا رسول الل ِه ،أال نتداوى ؟ قال ( :نع ْم ،يا ِعباد الل ِه تداو ْوا ،فِإن الله ل ْم يض ْع داء إِال وضع له ِشفاء ،إِال داء و ِ احدا ،قالوا :يا رسول الل ِه ،وما هو ؟ قال :الْهرم) [ .الترمذي] .ولفظ "الداء" في األحاديث عامة تشمل جميع األمراض البدينة أو النفسية . لكنه سبحانه لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم كالذهاب للكهنة والعرافين والسحرة ،أو شرب الخمور والمحرمات :عن طارق بن سويد الحضرمي قال (قلت " :يا رسول اهلل :إن بأرضنا أعنابا نعتصرها فنشرب منها" قال " :ال"! فراجعته قلت إنا نستشفي للمريض ،قال :إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء) [مسلم] .وعنه -صلى اهلل عليه وسلم -أنه قال( من تداوى بالخمر ،فال شفاه اهلل) .والمعالجة بالمحرمات قبيحة عقال وشرعا ،أما الشرع فما ذكرنا من هذه األحاديث وغيرها ،وأما العقل ،فهو أن اهلل سبحانه إنما حرمه لخبثه ،فإنه لم يحرم على هذه األمة طيبا عقوبة لها ،كما حرمه على بني إسرائيل ( :ف ِبظ ْلم ِّمن ال ِذين هادواْ حرْمنا عل ْي ِه ْم ط ِّيبات أ ِحل ْت له ْم) [النساء :
; ]061وانما حرم على هذه األمة ما حرم لخبثه ،وتحريمه له حماية لهم ،وصيانة عن تناوله ،فال يناسب أن يطلب به الشفاء من األسقام والعلل ،فإنه -وان أثر في إزالتها -لكنه يؤدي لسقم أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه ،فيكون المريض قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب .وأيضا فإن في هذا الدواء المحرم من األدواء ما يزيد على ما يظن فيه من الشفاء ،ولنفرض الكالم في أم الخبائث (الخمر) التي ما جعل اهلل لنا فيها شفاء قط ،فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل والشفاء عند األطباء. 1
ومع جواز تناول األدوية المادية ،فإنه ينبغي للمريض أن يهتم باألدوية الشرعية ،والتي جعل اهلل تعالى فيها خير شفاء لألمراض الحسية والمعنوية ،مثل الرقية الشرعية من القرآن والسنة ،وهي كذلك طب ودواء ،وتسمى الطب الرباني ،أو الطب النبوي لمحافظة النبي عليه الروحاني . ووروده عنه وهو أسوتنا وقدوتنا ،أو كما يسميه ابن القيم الطب ُّ
::تفوّق الطب النبوي ::
من حيث أنه أرجى للشفاء بإذن اهلل تعالى لما فيه من بركة الذكر واله ْدي النبوي ،والى جانب ذلك يحصل للعبد به ترقية اليقين باهلل ،وثواب الذكر واالقتداء بالنبي .
والقلب متى اتصل برب العالمين ،وخالق الداء والدواء ،ومدبر الطبيعة ومصرفها على ما يشاء ،كانت له أدوية أخرى غير األدوية التي يقتصر عليها القلب البعيد من اهلل ،فالروح متى قويت ،قويت النفس وتعاونا على دفع الداء وقهره بأمر اهلل ، فتقوى نفسيته ،وتفرح بقربها من بارئها ،وأنسها به ،وحبها له ،وتنعمها بذكره ،وجمعها عليه ،واستعانتها به ،وتوكلها
1
زاد المعاد البن القيم ،فصل الطب النبوي
][5 عليه ال شك أن ذلك لها من أكبر األدوية ،ويمد لها من القوة ما يدفع األلم بالكلية .وال ينكر هذا إال أجهل الناس ،وأغلظهم حجابا ،وأكثفهم نفسا ،وأبعدهم عن اهلل وعن حقيقة اإلنسانية ،وسنذكر إن شاء اهلل السبب الذي به أزالت قراءة الفاتحة داء اللدغة عن اللديغ التي رقي بها ، 2فقام حتى كأن ما به شيء!
3
ليس لها من المضاعفات واآلثار الجانبية الخطيرة ما لكثير من األدوية المستحدثة ،خاصة في ظل تحويل التداوي والطب لمتاجرة باألموال الطائلة والماركات العالمية ،وكم ننفق من األوقات والجهود في عالج األمراض العضوية والنفسية ،في المستشفيات والعيادات ،وهنا وهناك ،ولو قيل ألحدنا :إن عالجك في آخر األرض لذهب إليه! أو أنه بالسعر الفالني الشتراه دون تردد! ومع ذلك ال يسارع مع ذلك السبب لسبب آخر ،قد يكون فيه الشفاء الحقيقي والعالج الناجح الذي ال يحتاج من اإلنسان إال يسي ار من الجهد ورسوخا في اليقين وقليال من الوقت والصبر ،والذي يكسب في استعماله األجر والثواب مع الصحة والعافية .
::هل الطب النبوي مخصوص ألمراض معيّنة؟ :: الشفاء في الطب النبوي متعلق بإيمان المريض ويقينه بأثر ذكر اهلل تعالى ،ال بعين المرض نفسه ،والحاالت العضوية والنفسية التي أذن اهلل بشفائها لمرضى اكتفوا فقط بهذا النوع من الطب أكثر من أن تحصى وتعد .فالشفاء بيد اهلل وحده ،يقسم اهلل منه ويقدر بحكمته وعلمه ،سواء جعله في األدوية الحسية أو بدونها أو بغيرها ،لكن الثابت أن المستعصم باهلل وذكره يقينا ،يعوضه اهلل من الخير والعافية والطمأنينة فوق ما يرجو ؛ فالمؤمن يستفيد من جمعه بين الدوائين ما كتب اهلل له من عافية الدنيا بتقديره وحكمته ،وما وعد اهلل من أجر اآلخرة بفضله .
::شروط االنتفاع بالتداوي ::
استحضار حقيقة التعبد هلل أوال وأخي ار
المؤمن يطلب التداوي من باب التعبد كما يأخذ باألسباب من باب التعبد هلل كما أمر ،لكن يقينه كله معلق باهلل وحده ،ويعلم أن األمر كله بيد اهلل ال يعجزه شيء لكنه يدبر بحكمة وعلم ال يمكن لنا اإلحاطة به وال ينبغي .والرزق كله من اهلل ،والعافية من الرزق ،فطلبها من اهلل بأسبابها كطلب غيرها من الرزق ،كله من السعي في أرض اهلل بأمر اهلل .فينبغي على العبد أن يتفاءل بفضل اهلل ويوقن باستجابته ، لكن يستحضر حقيقة أنه عبد هلل ،ال يملك من أمره شيئا ،وال يعلم الخير حيث كان ،وال يحيط علما بكل تدبير ،فيوفض أمره لمن يثق بتدبيره وهو العليم الخبير سبحانه ،ويتعبد له في حال المرض كما حال الصحة ،ويكون صاب ار حامدا في حاله كلها ،ألن المرض والصحة كالهما من صور االختبار ،ليختبر من يشكر في النعمة ،ومن يصبر في االبتالء ويحتسب ( :عن عائشة -رضي اهلل عنها -أن رسول
2 اب الن ِب ِّي صلى الله عل ْي ِه وسلم ِفي س ْفرة سافروها حتى نزلوا على ح ٍّي ِم ْن أ ْحي ِ ِ ِ ِ صح ِ اء نص الحديث :عن أ ِبي سعيد رضي الله ع ْنه قال ا ْنطلق نفٌر م ْن أ ْ ا ْلعر ِب فاستضافوهم فأبوا أ ْن يضيِّفوهم ،فل ِدغ سيِّد ذلِك ا ْلح ِّي فسعوا له ِبك ِّل شيء ال ي ْنفعه شيء .فقال بعضهم لو أت ْيتم هؤ ِ الء الرْهط ال ِذين نزلوا لعله أ ْن ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ٌْ ْ ْ ْ يكون ِع ْند بع ِ ض ِه ْم ش ْي ٌء؟ فأت ْوه ْم فقالوا :يا أيُّها الر ْهط إِن سيِّدنا ل ِدغ وسع ْينا له ِبك ِّل ش ْيء ال ي ْنفعه فه ْل ِع ْند أحد ِم ْنك ْم ِم ْن ش ْيء؟ فقال ب ْعضه ْم نع ْم والل ِه ْ ِ ِ استض ْفناك ْم فل ْم تضيِّفونا فما أنا ِب ارق لك ْم حتى ت ْجعلوا لنا ج ْعال ! فصالحوه ْم على ق ِطيع ِم ْن ا ْلغنِم فا ْنطلق يتْ ِفل عل ْي ِه وي ْقرأ إِ ِّني أل ْرِقي ،ولك ْن والله لق ْد ْ ب ا ْلعال ِمين فكأنما ن ِشط ِم ْن ِعقال! فا ْنطلق يم ِشي وما ِب ِه قلب ٌة! قال فأوفوهم جعلهم ال ِذي صالحوهم عل ْي ِه فقال بعضهم اق ِ ْسموا فقال ال ِذي رقى ا ْلح ْمد ِلل ِه ر ِّ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ال ت ْفعلوا حتى نأ ِْتي الن ِبي صلى الله عل ْي ِه وسلم فنذْكر له ال ِذي كان فن ْنظر ما يأْمرنا .فق ِدموا على رس ِ ول الل ِه صلى الله عل ْي ِه وسلم فذكروا له فقال وما
ي ْد ِريك أنها رقْي ٌة ثم قال ق ْد أص ْبتم اق ِ اض ِربوا لِي معك ْم س ْهما فض ِحك رسول الل ِه صلى الله عل ْي ِه وسلم .رواه البخاري ومسلم ْسموا و ْ ْ
3
من كتاب "الطب النبوي" البن القيم ،بتصرف
][6 اهلل قال " :ما يصيب المسلم من نصب وال وصب وال هم وال حزن وال أذى وال غم حتى الشوكة يشاكها ،إال كفر اهلل بها من خطاياه) [البخاري ومسلم] ،واهلل غني عن العالمين وانما أجر عبادتهم لهم .
صدق اليقين بنفع ذكر اهلل
اس ِق ِه عسال فذهب ثم رجع فقال ق ْد سق ْيته فل ْم ي ْغ ِن ع ْنه شت ِكي ب ْ ع ْن أ ِبي س ِعيد ا ْلخ ْد ِري أن رجال أتى الن ِبي فقال :إن أ ِخي ي ْ طنه ،فقال ْ ِ الر ِبع ِة :صدق اس ِق ِه عسال ،فقال له ِ في الثالِث ِة أ ْو ا اس ِت ْ طالقا) مرت ْي ِن أ ْو ثال ثا ،والرسول كل ذلك يقول له ْ ش ْيئا (وِفي ل ْفظ فل ْم ي ِزْده إال ْ طن أ ِخيك" ،فشفي أخوه من بعد . الله وكذب ب ْ شك ِ اة النبوِة ،لكن ال ي ْنت ِفع ِب ِه إال م ْن تلقاه ِبا ْلقب ِ ول "الطب النبوي ليس تجريبيا كالطب الحديث ،بل متيق ٌن ق ْ ط ِعي إل ِهي ص ِادٌر ع ْن الْو ْح ِي و ِم ْ ِ ِ اع ِتق ِاد الشف ِ اء ِب ِه ،وكم ِ ال ِْ اء لِما ِفي الصد ِ اإلذْع ِ ور ،من ل ْم يتلقه هذا التلقي ل ْم ي ْحص ْل له وْ ان واإليمان والتسليم .فهذا ا ْلق ْرآن الذي هو شف ٌ آن ال ين ِ ض ِهم! ِ ِ ِ ِِ ِ ِب ِه ِشفاء الصد ِ ِ فشفاء ا ْلق ْر ِ اسب إال ا ْلقلوب المؤمنة ور م ْن أ ْدوائها ،ب ْل ال ي ِزيد ا ْلمنافقين إال ِر ْجسا إلى ِر ْجس ِه ْم ومرضا إلى مر ْ الموقنة بوعد اهلل وذكره ...ومن لم يشفه القرآن فل ْيس ذلِك لِقصور ِفي الدو ِ اء ول ِك ْن لقصور في نفس قارئه وفساد في إيمانه. إذن من شرط انتفاع المريض بالدواء قبوله واعتقاد النفع به ،فتقبله الطبيعة فتستعين به على دفع المرض ،حتى إن كثي ار من المعالجات ينفع باالعتقاد ،وحسن القبول وكمال التلقي ،وقد شاهد الناس من ذلك عجائب ،وبالعكس يكون كثير من األدوية نافعا لتلك العلة ، فيقطع عملها سوء اعتقاد المريض فيها ،وعدم أخذه له بالقبول ،فال يجدي عليه شيئا" .4
المداومة والتكرار
أورد ابن القيم في زاد المعاد من فوائد حديث العسل ( :وِفي ت ْكر ِار س ْق ِي ِه ا ْلعسل م ْعنى ِطبي ب ِديعٌ وهو أن الدواء ي ِجب أ ْن يكون له ال الد ِ ِ س ِب ح ِ س ِقيه ا ْلعسل سقاه اء ْ إن قل عنه لم يداوي ،واذا زاد أضعف البدن فأ ْحدث ضر ار آخر .فلما أمره أ ْن ي ْ م ْقد ٌار وكمي ٌة ِبح ْ ار ال ي ِفي ِبمقاوم ِة الد ِ اء وال ي ْبلغ ا ْلغرض ،لذلك زاده استطالقا (أي مرضا) فلما تكرر ت ْرداده إلى الن ِبي صلى الله عل ْي ِه وسلم أكد ِم ْقد ا اء ،فلما تكرر ْت الشربات ِبحس ِب ماد ِة الد ِ اوِم لِلد ِ عل ْي ِه ا ْلمعاودة لِي ِ صل إلى ا ْل ِم ْقد ِار ا ْلمق ِ اع ِتبار مق ِاد ِ اء ب أر ِبِإذ ِ ير ْاأل ْد ِوي ِة ْن الل ِه ،و ْ ْ ض ِم ْن أ ْكب ِر قو ِ وك ْي ِفي ِاتها و ِم ْقد ِار قوِة ا ْلمر ِ اع ِد الطب) ا .هــ. ض مر ٌ
الصبر واالحتساب
على المسلم وهو يعالج نفسه أن يصبر على كل ما يصيبه من هذه األمراض بمختلف أنواعها ودرجات آالمها ،ويحتسب األجر والثواب عليها ،وال ينسى نية ذلك دائما وأبدا ،فصبره عبادة ودعاؤه عبادة واحتسابه عبادة .وقد ذكرنا الحديث "ما يصيب المسلم من نصب وال وصب ،وال هم وال حزن ،وال أذى وال غم ،حتى الشوكة يشاكها ،إال كفر اهلل بها من خطاياه " .كما ال ينسى تكرار الدعاء " إنا هلل وانا اخلف لي خي ار منها " .فإن المسلم إذا قالها صادقا مخلصا أخلف اهلل عليه خي ار من مصيبته كما إليه راجعون ،اللهم أ ِجرني في مصيبتي و ْ جاء في الحديث .
4
زاد المعاد البن القيم ،فضل الطب النبوي ؛ بتصرف
][7
التداوي ال ينافي التوكل والرضا بالقدر يقول ابن القيم في (الطب النبوي) : "وفي األحاديث الصحيحة األمر بالتداوي ،وأنه ال ينافي التوكل ،كما ال ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ،بل ال تتم حقيقة التوحيد إال بمباشرة األسباب التي نصبها اهلل مقتضيات لمسبباتها قد ار وشرعا ،وأن تعطيلها يقدح في ن ْفس التوكل ...فإن ْترك األسباب عج از ينافي التوكل الذي حقيقته :اعتماد القلب على اهلل في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه
،وال بد مع هذا االعتماد من مباشرة األسباب واال كان معطال للحكمة والشرع وأمر اهلل ،فال يجعل العبد عجزه توكال وال توكله عج از ،وفيها رد على من أنكر التداوي وقال إن كان الشفاء قد قدِّر فالتداوي ال يفيد وان لم يكن قد قدِّر فكذلك . "وأيضا :فإن المرض حصل بقدر اهلل ،وقدر اهلل ال يدفع وال يرد ،هذا السؤال هو الذي أورده األعراب على رسول اهلل وأما أفاضل الرقي والتُّقى ، الصحابة فأعلم باهلل وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا ،وقد أجابهم النبي بما شفى وكفى فقال :هذه األدوية و ُّ هي من قدر اهلل ،فما خرج شيء عن قدر اهلل بل يرد قدره ِ بقدرِه ،وهذا ُّ الرد من قدره فال سبيل إلى الخروج عن قدره بوجه ما ،وهذا كرِّد قدر الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ،وكرِّد قدر العدو بالجهاد وك ٌل من الدافع والمدفوع والدفع من قدر اهلل" ا .هـ .
][8
.1الوقاية وتحصين النفس يذكر ابن القيم في كتاب الطب النبوي ،أن أكثر من يؤثر فيهم السحر واألمراض النفسية هم أصحاب "القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية ...ومن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد ،وال نصيب له في األوراد والدعوات والتعوذات ..فتتسلط عليها القوى الخبيثة بحسب ما فيها من فراغ واستعدادها لذلك"
[ بتصرف]
.لذلك قبل الشروع في سبل العالج ،نذكر بأهم السبل واألوراد لتحصين النفس من
أمراضها التي تكون في األصل سبب كثير من األمراض العضوية ،مما يجب المحافظة عليه وااللتزام به ،مهما كانت المشاغل واألعذار. 5 0ـ القيام بجميع الواجبات المفروضة ،خصوصا أداء الصلوات الخمس جماعة للرجال في المسجد وبخشوع وطمأنينة . 2ـ االبتعاد عن جميع المعاصي والذنوب والتوبة المتجددة منها ،وخاصة ما ابتلي به كثير من الناس في هذا الجانب :من سماع األغاني والموسيقى ،ومشاهدة األفالم والمسلسالت الهابطة التي تضعف اإليمان في القلب ،فتجعله عرضة لتسلـط الجن والشياطيــن على صاحبه . 3ـ االلتزام بقراءة ورد يومي من القرآن الكريم . 4ـ قراءة أذكار الصباح والمساء ( ولو علم المسلم ما فيها من األجر العظيم ،وما لها من أثر كبير في الحفظ من الشرور والحوادث والمصائب الدنيوية ما تركها يوما واحدا) . 5ـ قول ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير 011مرة " :من قالها في يوم مائة مرة كما جاء في ش ِر رقاب ،وكتبت له مئة حسنة ،ومحيت عنه مئة سيئة ،وكانت له ِحر از [وقاية] من الشيطان في يومه ذلك الحديث :كانت له ع ْدل ع ْ حتى يمسي ،ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إال رجل عمل أكثر منه" [متفق عليه] . 6ـ المحافظة على أذكار األحوال والمناسبات ،كأذكار دخول المنزل والخروج منه ،ودخول المسجد والخروج منه ،والنوم واالستيقاظ .. وغيرها .والتحصن بالدعوات المأثورة من مثل " :من قال في أول يومه أو في أول ليلته ( :بسم اهلل الذي ال يضر مع اسمه شيء في األرض وال في السماء وهو السميع العليم) ،ثالث مرات حين يصبح ،وحين يمسي ،لم يضره شي في ذلك اليوم و في تلك الليلة" . .7الحرص على سنة النبي وهديه في التحصن من شرور الجن واإلنس ،وهي من أكثر ما نغفله على يسر عمله وعظيم نفعه ، وتجدها مذكورة في الكتب المقترحة في قائمة تالية ؛ ومنها على سبيل المثال :
ما أمر به عند المبيت من تغطية اإلناء واغالق األبواب مع تسمية اهلل تعالى ،واطفاء السراج والنار عند النوم ،وكف اشيكم و ِ ِ ِ ص ْبيانك ْم إِذا غاب ْت الش ْمس حتى تذْهب الصبيان والمواشي بعد المغرب خاصة ألنه وقت انبعاث الشياطين ( :ال ت ْرسلوا فو ْ اطين ت ْنب ِعث إِذا غاب ْت الشمس حتى تذْهب ف ْحمة ا ْل ِعش ِ اء ،فِإن الشي ِ ف ْحمة ا ْل ِعش ِ اء ) [مسلم] ( ،غطُّوا ِْ السقاء ، اإل ناء ،وأ ْوكوا ِّ ْ السراج ،فِإن الش ْيطان ال يح ُّل ِسقاء ،وال ي ْفتح بابا ،وال ي ْك ِشف إِناء ) [البخاري] . وأ ْغلِقوا ا ْلباب ،وأ ْ ط ِفئوا ِّ
وتسمية اهلل عند دخول المنزل ،لقوله ( : ن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال الشيطان :ال مبيت) [مسلم] أي ال مكان له
في ذلك البيت ،واذا سمى اهلل على األكل قال الشيطان :ال عشاء .
وتسمية اهلل قبل ال ِجماع ،والدعاء (اللهم ج ٍّنبنا الشيطان وج ِّنب الشيطان ما رزقتنا) [البخاري ومسلم] فإذا رزق الزوجان بمولود لم يضره الشيطان ،مع سنن التكبير واألذان عند والدته .
5
من كتاب "طريقك للصحة النفسية والعضوية"
][9 8ـ الحرص على قول (بسم اهلل) وعدم نسيانها في بداية أعمالنا ،وفي كل شأن من شؤون حياتنا وتصرفاتنا ،حتى تحفظنا من شر الجن وايذائهم ،و(كل عمل ال يبدأ باسم اهلل فهو أبتر) كما في الحديث ،أي مقطوع من الخير والبركة . 9ـ االلتزام بأداء بعض الطاعات والعبادات التي تزيد اإليمان في القلب وتقوي الصلة باهلل سبحانه وتعالى ،كالسنن الرواتب وصالة الوتر والضحى ،وقيام الليل ،والصدقات ونوافل الصيام وغيرها . 01ـ كثرة االستغفار والدعاء وذكر اهلل بصيغه المتنوعة وملء الوقت به( :كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له ج ْمدان فقال :سيروا هذا جمدان سبق المفِّردون ،قالوا :وما المفِّردون يا رسول اهلل؟ قال :الذاكرون اهلل كثي ار والذاكرات) [مسلم] .ومعنى سبق المفردون أي أنهم سبقوا غيرهم بنيل الق ْربى والدرجات بسبب كثرة ذكرهم هلل تعالى .
][10
.2الرقية الشرعية .0ما هي الرقية؟
هي مجموعة من اآليـات القرآنيـة والتعويـذات واألدعيـة المـأثورة عـن النبـي ، يقرؤهـا المسـلم علـى نفسه ،أو ولده ،أو أهله ،لعالج ما أصابه من األمراض النفسية أو العضـوية ،أو مـا وقـع لـه مـن
شر أعين اإلنس والجن ،أو المس الشيطاني ،أو السحر .2هــــل هــــي مخصوصــــة بمــــرض قد يتبادر إلى الذهن أن الرقية خاصة بعالج أمراض العين والسحر والمس ،ولـيس لهـا نفـع أو تـأثير معين؟
في الشفاء مـن األمـراض األخـرى كالعضـوية والنفسـية والقلبيـة ،وهـذا غيـر صـحيح ،ومفهـوم خـاط عن الرقية يجب أن نصححه حتى نستفيد منها في عالج كل أمراضنا الحسية والمعنوية .
أمــا األدلــة الشــرعية مــن الكتــاب والســنة علــى عمــوم نفــع الرقيــة لجميــع األم ـراض ،وأنهــا ال تخــتص بمرض دون مرض ،فهي كثيرة ،ومنها : 0ـ ما جاء في القرآن الكريم
قول اهلل تعالى "قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء"
وقوله تعالى "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين"
" يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" 2ـ ما جاء في السنة النبوية
سم ِ رقية جبريل عليه السالم عندما أتى النبي فقال ( :با ِ اهلل أ ْرِقيك ِمن كل شـيء يؤذيـك ،مـن شر كل ن ْفس أو ع ِ ين حاسد ،اهلل يشفيك ،باسم اهلل أرقيك) .فقوله (من كل شيء يؤذيك ) يدل ِّ على عموم أي مرض
ومن ذلك ما روته عائشـة رضـي اهلل عنهـا :أن رسـول اهلل كـان يمسـح بيمينـه علـى مـن يشـتكي منا ويقول " :أ ْذ ِهب البأس رب الناس ِ ، اشفه أنت الشافي ،ال شفاء إال شفاؤك ،شفاء ال يغادر سقما" ؛ وهذا عام في كل شكوى
ومع ذلك فالمستشفيات والمصحات في ازدياد وامتالء ،واألمراض فـي انتشـار وكثـرة وال حـول وال قـوة
إال باهلل
) 2وقد حصل كل ذلك أو بعضه بسبب غفلـة كثيـر مـن النـاس عـن أسـباب التحصـن مـن الوقـوع فـي مثـــل هـــذه األمـــراض ،وجهلـــوا مـــن جانـــب آخـــر الطـــرق الصـــحيحة للعـــالج منهـــا بعـــد وقوعهـــا ، وخاصة فيما يتعلق بكيفية االستفادة من الرقية الشرعية.
فالغالب على المسلمين اليوم – إال من رحم اهلل – الغفلة عـن ذكـر اهلل تعـالى وعـن التحصـن باألذكـار واألدعية ،سواء كانت أذكار الصباح والمساء ،أو أذكـار األحـوال والمناسـبات ،أو مـا بعـد الصـلوات
الخمس ،أو تالوة القرآن الكريم والدعاء واالستغفار ..
األمر الذي جعلهم بسبب هذا التفريط يصيب بعضهم بعضا – حتى لو كانوا أقرباء – بالعين من حيث
ال يقصدون ،وذلك عن طريق إعجابهم بما يرون ،وبالذات عنـدما ال يبـرك أحـدهم – أي يقـول :مـا
شاء اهلل تبارك اهلل -وال يذكر اهلل في حينه .
) 3النتشار الحسد بين الناس ،فبعضهم – مـع األسـف الشـديد – إذا رأى غيـره قـد فضـله اهلل عليـه
بنعمة من النعم كاالستقامة أو الذكاء أو الجمال أو المال أو الولد ،فإنه ال يشفي غليل حقده وحسده
][11 حتى يؤذيه ،إما عن طريق العين أو السحر ،نعوذ باهلل منهم .. ) 4لعالج ما قد يوجد فينا من أمراض ،إذ من الوارد أن يكون اإلنسان ،أو أحد أوالده ،أو أقاربه ، مصـابا بأحـد األمـراض الروحيـة أو النفسـية وهـو ال يــدري ،خصوصـا العـين ،الـذي ثبـت فـي الحــديث سرعة نفوذها وتأثيرها في ذات اإلنسان كما قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :الع ْين حـق ،ولـو كـان شيء سابق القدر لسبقته العين) ،وألن من يصـاب بهـا يتـأذى بـأنواع األذى فـي حياتـه ،وقـد يمـوت بسببها إذا لم يعالج نفسه بالرقية الشرعية ،كما جاء في الحديث الثابت عن النبي أنـه قـال ( :أكثـر
من يموت من أمتي بعد قضاء اهلل وقدره ،بالعين )
) 5لتوفر أسباب تسلط الجن على اإلنس :فنحن في هذا العصر قد هيأ أكثرنا ظروفا وأحواال تتسبب فــي تســلط الجــن علــى اإلنــس مــن مثــل :تضــييع الصــلوات ،واالنكبــاب علــى الشــهوات والمعاصــي والمنك ـرات ،وايــذاء الجــن فــي أمــاكنهم ،والغفلــة الشــديدة عــن ذكــر اهلل ،وعــدم التحصــن باألدعيــة واألذكار المأثورة ..
ومن األسباب كذلك :الخوف الشديد والمفاج ،والغضـب الشـديد فـي أي موقـف ،أو الحـزن والفـرح
الشديد على أمر من األمور ..
) 6أنها من األعمال الصالحة األخرى خير طريق للوصول إلى السعادة النفسية ،والطمأنينة القلبيـة ،فكثير من الناس اليوم أصبح يشتكي أمراض العصر :كالهم والحزن والقلق والزهـق مـن المعيشـة ، ومــن أنجــح العالجــات لهــذه األم ـراض لمــن أصــيب بهــا بعــد القيــام بالواجبــات والطاعــات هــي الرقيــة
الشرعية ..
) 7أنها أفضل سبب – بعد اهلل – يعين على العمـل الصـالح والثبـات علـى اإليمـان ،فكـم مـن إنسـان ثقلــت عليــه الطاعــة وصــعب عليــه أداء الصــلوات فــي أوقاتهــا ،وكــم مــن إنســان انحــرف عــن طريــق الهداية ،وأسرف في المعاصي واآلثام ،ولو أن هـؤالء وأمثـالهم أخـذوا بهـذه الوصـفة النبويـة أو دلُّـوا
عليها ألمكن – بإذن اهلل تعالى – مساعدتهم فيما اعترض طريقهم من صعوبات ومشـكالت ،ولكانـت لهم عونا على الطاعات واجتناب المحرمات واالستقامة على دينه .. .4شروط الرقية الشرعية
0ـ أن تكون بكالم اهلل تعالى أو بأسمائه وصفاته ،وبالمأثور عن النبي صلى اهلل عليه وسلم 2ـ أن تكون باللسان العربي الفصيح أو بما يعرف معناه
3ـ أن يعتقد الراقي أن الرقية ال تؤثر بذاتها ،بل بتقدير اهلل تعالى وفضله 4ـ أال تكون الرقيـة بهيئـة محرمـة أو بدعيـة ،كـأن تكـون الرقيـة فـي الحمـام ،أو فـي مقبـرة ،أو أن
يخصص الراقي وقتا معينا للرقية ال يخالفه ،أو عند النظر في النجوم والكواكب ..إلخ .فيكفي األخذ
استطاع من جسده كله ،فهذا أبلغ في النفع وأقوى في التأثير بإذن اهلل تعالى
4ـ إذا شعرت أنك بحاجة ماسة إلى الرقيـة الشـرعية بسـبب مـا تعانيـه مـن أعـراض بعـض األمـراض ، وأنت تجد العزوف واالنصراف عنها ،وكراهيتها وعدم اإلقبال عليها ،فاعلم أن ذلك بسبب الشيطان ،
ألجل أن يؤذيك في حياتك ونفسك ويمرضك في جسمك ،ويمنعك من الخيـر وذكـر اهلل وطاعتـه أطـول وقت ممكن ! فانتبه لهذه الحيلة
فإن على المسلم والمسلمة أن يحرص على األخذ بأسباب الوقاية والتحصـن مـن األمـراض التـي سـبق
ذكرها .إذ ال يصح أن يعالج المرء نفسه من جانب وهو يمرضها من جانب آخر ،وذلك عندما يتخلى عن أداء الواجبات ،أو يرتكب بعـض المعاصـي ،أو يقصـر فـي كثيـر مـن الطاعـات ،فلينتبـه المسـلم
إلى ذلك. .6شروط الراقي
تستطيع أن ترقي نفسك بنفسك ،وهذا أفضل من عدة جوانب :
أوال ـ ألن الرقية نوع مـن أنـواع الـدعاء فمـن تمـام التوكـل علـى اهلل سـبحانه وتعـالى أال تطلـب الشـفاء والعافية إال منه سبحانه وتعالى .
ثانيا ـ أن رقية اإلنسان لنفسه أدعى إلى اإلخالص وأكثر صدقا في االلتجـاء إلـى اهلل والتضـرع إليـه ، ومن ثم أكثر نفعا وأسرع شفاء بإذن اهلل تعالى .
ثالثا ـ لوجودها لديك في كل وقت تشاء من ليل ونهار ،بعكس أولئك الراقين الذين لهـم أوقـات معينـة
،مع ما يحصل في الذهاب إليهم من حرج نفسـي ،وتضـييع األوقـات ،وانفـاق األمـوال .أمـا مـن لـه
حالة خاصة أو مرض أتعبه ،فليذهب إلى أحد الرقاة الموثوقين ليساعده بـإذن اهلل تعـالى فـي الشـفاء
.2العالج بالرقى من الكتاب والسنة – سعيد بن وهف القحطاني
.3ارق نفسك وأهلك بنفسك – الشيخ خالد الجريسي [ومنه ِورد الرقية الجامعة]
من صيغ الرقية الجامعة مجموعة من مأثور ما ورد عن الرسول في مختلف األحوال
::كيفية الرقية :: وردت طرق كثيرة في السنة ،نذكرها بسياقها ثم نستخلص الطرق منها : عن عائشة رضي اهلل عنها ( :كان النبي إِذا أوى إِلى ِفر ِ اش ِه كل ل ْيلة جمع كف ْي ِه ثم نفث ِفي ِهما ،فق أر ِفي ِهما ق ْل هو الله أح ٌد و ق ْل أعوذ اس ،ثم يمسح ِب ِهما ما استطاع ِم ْن جس ِد ِه ،ي ْبدأ ِب ِهما على أر ِ ق و ق ْل أعوذ ِبر ِّب الن ِ ِبر ِّب ا ْلفل ِ ْس ِه وو ْج ِه ِه وما أقْبل ِم ْن جس ِد ِه ،ي ْفعل ذلِك ْ ْ
ثالث مرات) [البخاري]
وعن عثمان بن أبي العاص -رضي اهلل عنه -أنه اشتكى إلى رسول اهلل وجعا يجده في جسده منذ أسلم ،فقال النبي ( :ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل :بسم اهلل ثالثا ،وقل سبع مرات :أعوذ بعزة اهلل وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) [أحمد ومسلم وغيرهما]
عن عثمان بن أبي العاص أنه قال :أتاني رسول اهلل وبي وجع قد كاد يهلكني فقال رسول اهلل ( : امسح بيمينك سبع مرات وقل : أعوذ بعزة اهلل وقدرته وسلطانه من شر ما أجد) .قال :ففعلت فأذهب اهلل ما كان بي ،فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم [ .الترمذي]
ملخص كيفية الرقية بطريقين (لمن يرقي نفسه أو غيره):
يجمع الراقي كفيه (كما في الدعاء) قريبا من فمه ،وينفث فيهما (ينفخ نفخا خفيفا بدون ريق) ،ثم يق أر الذكر ،وينفث مرة أخرى ،ثم يمسح بكفيه رأسه وما استطاع من جسده شامال مكان الوجع .ويكرر هذه الطريقة مع كل ذكر منفصال (الفاتحة ثم آية الكريب ثم المعوذات ...كما سيلي ترتيبه)
يمسح بيمينه على رأسه أو مكان األلم وهو يق أر الرقية ،مع الفصل بين كل ذكر وذكر بسكتة وعدم الوصل كأنها سورة واحدة
ويمكن الجمع أو التنويع بينهما
كل المذكور تاليا يق أر مرة واحدة بالطريقة الموضحة ،ما لم يحدد عدد مرات معين
فِإنه لم ي ْدع ِبها رج ٌل م ِ ِ استجاب الله له) [الترمذي] سل ٌم في ش ْيء قطُّ إِال ْ ْ ْ
عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه قال :قال النبي لفاطمة رضي اهلل عنها ( :ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به ،أو تقولي إذا ي يا قيوم برحمتك أستغيث ،أصلِح لي شأني كله ،وال ت ِك ْلني إلى نفسي طرفة عين) [الحاكم] أصبحت واذا أمسيت :يا ح ُّ
::في الطعام :: .0في هيئة الجلوس للطعام :نهى أن يأكل الرجل وهو مستلق على بطنه أو متك على جنبه ،وثبت علميا أنها تضر باآلكل ِ سرى على ظهر قدمه اليمنى وتضغط المعدة فتمنع الهضم .وكان يجلس لألكل مت ِّ وركا على ركبتيه ،ويضع بطن قدمه الي ْ تواضعا لربه عز وجل ،وأدبا بين يديه ،واحتراما للطعام وللمؤ ِ اكل ،فهذه الهيئة أنفع هيئات األكل وأفضلها ،ألن األعضاء كلها أجلِس كما ي ْجلِس العبد ،وآكل تكون على وضعها الطبيعى الذى خلقها اهلل سبحانه عليه مع ما فيها من الهيئة األدبية " :إنما ْ
كما يأكل العبد"
.2وكانت سنته أن يأكل بأصابعه الثالث اإلبهام والتي تليها والوسطى ،ويلعقها بعد االنتهاء (قبل المسح بمنديل أو نحوه) " :عن ابن عباس قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :إذا أكل أحدكم طعاما فال يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها" [البخاري وأحمد والسنن] ،وفي الرواية األخرى ( :كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يأكل بثالث أصابع ،ويلعق يده قبل أن يمسحها) وفي رواية ( :يأكل بثالث أصابع فإذا فرغ لعقها) .3وكان النبي صلى اهلل عليه وسلم يتم طعامه وال يترك بقايا اللقيمات ،فقد ورد ع ْن أنس أن رسول الل ِه صلى الله عل ْي ِه وسلم ِ صعة م ْعناه :ن ْمسحها ،ونتتبع ما صعة وقال :فِإنك ْم ال ت ْدرون ِفي أ ِّ سلت ا ْلق ْ ي طعامك ْم ا ْلبركة( [مسلم] :ن ْ سلت الْق ْ (أمرنا أ ْن ن ْ ب ِقي ِفيها ِم ْن الطعام . ضع ن ِجس ،فِإ ْن وقع ْت على مو ِ صيبها ،إِذا لم تقع على مو ِ اقطة بعد مسح أذى ي ِ .4ومن السنة اس ِت ْحباب أ ْكل اللُّ ْقمة الس ِ ضع ن ِجس ْ ْ ْ ْ ْ ْ ِ طعمها حيوانا وال يتْركها لِلش ْيط ِ ان لقوله ( : إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها سلها إِ ْن أ ْمكن ,فِإ ْن تعذر أ ْ تنجس ْت ,وال بد م ْن غ ْ ،فلي ِمط [أي يزيل] ما كان بها من أذى ،وليأكلها وال يدعها للشيطان وال يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه ال يدري في أي طعامه البركة) [مسلم] .5ولم يكن من هديه النوم بعد األكل مباشرة ،ولذا ذكر ابن القيم عن الحارث بن ِكلدة طبيب العرب " :إذا أكلت نها ار فال بأس أن تنام ،واذا أكلت ليال فال تنم حتى تمشى ولو خمسين خطوة" ؛ فالنوم ع ِقب تناول الطعام ليال مضر لمن داوم على ذلك ،ولو حتى أن يفصل بين األكلة والنوم بركعات . .6ولم يكن من هديه أن يشرب الماء أثناء الطعام خاصة لو كان حا ار أو باردا ،ألنه يضر بالهضم . " .7وما عاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم طعاما قط ،كان إذا اشتهى شيئا أكله ،وان كرهه تركه" [مسلم] .8ومن الهدي النبوي أال تأكل حتى تجوع ،واذا أكلت ال تمأل بطنك حتى التخمة ،ألنها تصيب اإلنسان بالخمول والنعاس وتضعف ث لِطع ِ ام ِه العقل ،وفي الحديث ( :ما مأل آد ِمي ِوعاء شًّار ِم ْن ب ْ ت ي ِق ْمن ص ْلبه ؛ فِإ ْن كان ال محالة فثل ٌ س ِب ْاب ِن آدم أكال ٌ طن ؛ ِبح ْ ث لِنف ِس ِه) [أحمد] ث لِش ار ِب ِه وثل ٌ وثل ٌ .9ومن أهم اآلداب النبوية في األكل : أ-
12
غسل اليدين قبل األكل
مجموع من (زاد المعاد) البن القيم ،وباب األطعمة واألشربة من صحيح البخاري ومسلم وشرح النووي
][21 ب-
االجتماع على الطعام بدل األكل منفردين ،ألنه أجلب للبركة ،لحديث عن أبي هريرة رضي اهلل عنه قال :قال رسول ِ االثنين ِ ِ الثالثة ،وطعام الثال ث ِة كافي األربعة) [متفق عليه] ،يعني إذا اجتمعوا كافي اهلل صلى اهلل عليه وسلم( :طعام كفاهم .وكان اإلمام أحمد يقول "إذا جمع الطعام أربعا ،فقد كمل [بركته] :إذا ذ ِكر اسم اهلل فى أوله ،وح ِمد اهلل فى وكثرت عليه األيدى ،وكان من ِحال ل) . آخره ، ْ
ت-
ار ْك لنا ِف ِ تسمية اهلل قبل األكل ،والدعاء بالبركة (اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وِقنا عذاب النار) ،أو (اللهم ب ِ ط ِع ْمنا يه وأ ْ
واألكل ومما يلي اإلنسان أي من جانب الصحن القريب منه ،وليس من وسطه أو رأسه ،لحديث "يا غالم سم اهلل وكل بيمينك وكل مما يليك" [البخاري] ،وحديث ( :عن ابن عباس رضي اهلل عنهما ،عن النبي صلى اهلل عليه وسلم
وحمد اهلل تعالى في آخره ) :الحمد هلل الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين( ( ،الحمد هلل الذي أطعمني هذا ورزق ِنيه
من غير ح ْول مني وال قوة)
اس ِ ق م ْن سقانا) ط ِع ْم م ْن أ ْ والدعاء لمن حضر الطعام وطبخه ( :اللهم أ ْ طعمنا و ْ
::في الشراب :: ِ ويغسل خ ْمل الريق يذيب البلغم ، .0كان من هديه شرب العسل الممزوج بالماء البارد على الريق ،فشرب العسل ولعقه على ِّ الم ِعدة ،ويجلو لزوجتها ،ويدفع عنها الفضالت ،ويسخنها باعتدال ،ويفتح سددها ،ويفعل مثل ذلك بالك ِبد والكلى والمثانة ، وهو أنفع للم ِعدة من كل حلو دخلها . .2وورد عنه أنه نهى عن ُّ الشرب قائما ،وكان هديه ان يشرب قاعدا ،ووضح ابن القيم وغيره أن الشرب واقفا ال يحصل به ى التام ،وال يست ِقُّر فى الم ِعدة حتى ي ْق ِسمه الكبد على األعضاء ،وينزل بسرعة و ِحدة إلى الم ِعدة ،ومن أشد أضراره على الر ُّ ِّ المدى البعيد تليف الكبد أم أر و ْأب أر) ؛ أي أفضل ريا ومذاقا وشفاء ؛ والشرب على .3ويشرب على ثالث دفعات ال على دفعة واحدة ويقول ( :إنه ْأروى و ْ دفعة واحدة مما يضر بالكبد والمعدة وال يشعر باالرتواء ،أما الشرب على دفعات فهو ي ِ التمهل والتدريج ويهي المعدة كسره على ُّ والكبد لقبوله ،خاصة إذا كان الماء باردا أو ساخنا ،وفي الحديث (إذا ش ِرب أحدكم ف ْليمص الماء مصا ،وال يعب عبا ،فإنه
ِمن الكب ِاد) [البيهقي] ،والكباد هو وجع الكبد
.4ونهى عن الشرب من فم اإلناء مباشرة أو التنفس فيه ،بل بعد كل دفعة شراب يبعد الكوب عن فمه ويتنفس خارجه ( ،إذا ش ِرب ولكن لِي ِب ِن [ي ْب ِعد] اإلناء عن ِ فيه [فمه]) [مسلم] س فى القد ِح ْ ، أحدكم فال يتنف ْ
ِ .5وذكر ابن القيم في "الطب النبوي" :ويكره شرب الماء عقيب [بعد] الرياضة ،و ِ الطعام وقبله ، التعب ،وعقيب ال ِجماع ،وعقيب وعقيب أكل الفاكهة ،وعقب الحمام [االستحمام] ،وعند االنتباه من النوم [على الريق] ،فهذا كلُّه مناف لحفظ الصحة" .6والبد من التسمية في أوله والحمد في آخره كما مع الطعام :ع ْن أن ِ س ْب ِن مالِك قال قال رسول الل ِه صلى الله عل ْي ِه وسلم إ ِ(ن شرب الش ْربة في ْحمده عل ْيها) [مسلم] الله لي ْرضى ع ْن ا ْلع ْب ِد أ ْن يأْكل ْاأل ْكلة في ْحمده عل ْيها أ ْو ي ْ .7وأمر بتخمير أي إناء أي تغطيته وعدم تركه يبيت مكشوفا ،ولو أن يعرض عليه عودا ،مع تسمية اهلل ،ففي الحديث : ِ ِ السقاء ،فإن فى السن ِة ل ْيلة ِ ِ كاء إال (غطُّوا اإلناء ،وأ ْوكوا ِّ اء ،أو سقاء ليس عليه ِو ٌ باء ال يمُّر بإناء ليس عليه غط ٌ ينزل فيها ِو ٌ وقع فيه من ذلك الداء) [مسلم]
الوضوء :ذكر النووي في شرح الحديث أن المقصود النوم على طهارة مخافة أن يموت في ليلته ،وليكون أصدق لرؤياه ،وأبعد من تلعب الشيطان به في منامه وتفزعه
نفض الفراش ثالث مرات مع التعوذ باهلل :ع ْن أ ِبي هرْيرة رضي اهلل عنه قال :قال الن ِب ُّي (: إِذا أوى أحدك ْم إِلى ض ِفراشه ِبد ِ ِفر ِ اخل ِة إِز ِارِه فِإنه ال ي ْد ِري ما خلفه عل ْي ِه [ )...البخاري ومسلم] اش ِه ف ْلي ْنف ْ
النوم على ِّ الشق األيمن
من السنة أن يضع يده اليمنى تحت خده األيمن ،ألنه كـان إذا رقـد وضع يده اليمنى تحت خـده
ِ اس ِمك اللهم أموت رضي اهلل عنه قال( :كان الن ِب ُّي صلى الله عل ْيه وسلم إِذا أراد أ ْن ينام قال ِب ْ من ِ ام ِه قال الْح ْمد لِل ِه ال ِذي أ ْحيانا ب ْعد ما أماتنا وِال ْي ِه ُّ النشور)
عن ابن عباس رضي اهلل عنهما أن النبي صلى اهلل عليه وسلم :كان إذا استيقظ من الليل يمسح النوم عن وجهه ق السمو ِ ات واأل ْر ِ بيده ،ثم ينظر إلى السماء ،ويق أر العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران ( :إن ِفي خ ْل ِ ض
اخ ِت ِ ار آليات أل ْولِي األ ْلب ِ الف الل ْي ِل والنه ِ اب .ال ِذين يذْكرون الله ِقياما وقعودا وعلى جنوِب ِه ْم ويتفكرون ِفي خ ْل ِ ق وْ ض ربنا ما خل ْقت هذا ب ِ السمو ِ ات واأل ْر ِ اطال س ْبحانك ف ِقنا عذاب الن ِ ار .ربنا إنك من ت ْد ِخ ِل النار فق ْد أ ْخزْيته وما ان أ ْن ِ لِلظالِ ِمين ِم ْن أنصار .ربنا إننا س ِم ْعنا من ِاديا ين ِادي لِإليم ِ آمنوا ِبرِّبك ْم فآمنا ربنا فا ْغ ِف ْر لنا ذنوبنا وكفِّ ْر عنا القيام ِة إنك ال ت ْخلِف ِ آتنا ما وعدتنا على رسلِك وال ت ْخ ِزنا يوم ِ س ِّيئ ِاتنا وتوفنا مع األ ْبر ِار .ربنا و ِ الميعاد) [مسلم] ْ .5في خصوصية أوقات مستحبة للنوم
كان ينام أول الليل (من بعد صالة ِ العشاء) ،ويستيقظ في أول النصف الثاني ،فيقوم ويستعمل السواك ،ويتوضأ ويصلي ما كتب اهلل له ،فيأخذ البدن واألعضاء ،والقوى حظها من النوم والراحة ،وحظها من الرياضة مع وفور األجر ،وهذا غاية صالح القلب والبدن ،والدنيا واآلخرة .
وكان يقيل أي ينام القيلولة وقت الها ِجرة ،يبدأ من نصف النهار عند اشتداد الحر قبيل وقت الظهر ويستمر بعده ؛ ونومة القيلولة مستحبة عند جمهور العلماء ،لقول النبي صلى اهلل عليه وسلمِ " :قيلوا فإن الشياطين ال تقيل" ،ألنها تعين على القيام في الليل والدراسة لطالب العلم ،فالقيلولة للقائم كالسحور للصائم .
وورد أنه كان يضطجع لالستراحة بين أذان الفجر واقامته بعد ركعتي السنة ؛ عن عائشة قالت ( :كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا سكت المؤذن باألولى من صالة الفجر ،قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صالة الفجر بعد أن يستبين الفجر ،ثم اضطجع على شقه األيمن حتى يأتيه المؤذن لإلقامة) ،فالحكمة من هذا االضطجاع االستراحة من تعب قيام الليل حتى يجدد نشاطه لصالة الفجر ،أما من خشي أن يغلبه النوم فتفوقته الصالة فال يفعل .
ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه ،وال يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه .
من األوقات المكروهة للنوم :بعد صالة المغرب ،لما ورد عن النبي صلى اهلل عليه وسلم )كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها) [ متفق عليه]
وذكر ابن القيم ثالث أوقات للنوم نها ار ومراتبها: ق ،فالخلق هو نومة الهاجرة وهي خلق رسول اهلل ، وأما الخ ْرق فهو نومة ق وح ْم ٌ ق وخ ْر ٌ نوم النهار ثالثة :خل ٌ
الضحى (من بعد الفجر حتى قبيل الظهر بساعة) قيل إنه يشغل عن أمر الدنيا واآلخرة ،وهو وقت تقسيم األرزاق ، فال ينبغي نومه إال لحاجة وليس تكاسال ،وألنه مضر بالبدن ويرخي العضالت .أما الح ْمق فهو نومة بعد العصر،
وكره العلماء نومة العصر ذاكرين أنها تضعف الفهم ،وهي لغير حاجة ال خير فيها .
][25
.6من هَدْيه مع المريض ::عدم جَبر المريض على تناول الطعام :: ذكر ابن القيم في كتابه زاد المعاد ،فصل الطب النبوي ،حديث ( :ال ت ْك ِرهوا مرضاكم على الطع ِام؛ فِإن الله ي ْ ِ س ِقي ِه ْم) .وقد ضعف طعمه ْم وي ْ ْ ْ
بعض أهل العلم هذا الحديث وأنكره آخرون ،لكن من حيث األصل ينبغي أال يجبر المريض على طعام أو شراب ال يشتهيه ،أو على األكل مطلقا ،إال إذا وصل لحالة يخشى عليه فيها الهالك إن لم يتناول طعامه ،فيجوز حينئذ إعطاؤه من األغذية مقدار ما يتناسب مع مرضه ويسهل على جهازه الهضمي امتصاصه ،وهذا أمر يقرره األطباء المختصون .يوضح ابن القيم تنبيها طبيا مفاده أن الجسم حالة المرض اس ِت ْعم ِ ال ش ْيء ِم ْن ذلِك ،تعطل ْت ِب ِه الط ِبيعة ع ْن ِف ْع ِلها ، يحشد قواه لمحاربته ،فينشغل بذلك عن طلب الغذاء " ،فِإذا أ ْك ِره ا ْلم ِريض على ْ ض ودف ِْع ِه ،فيكون ذلِك سببا لِضر ِر ا ْلم ِر ِ يرِه ع ْن إِ ْنضا ِج ماد ِة ا ْلمر ِ ض ِم ِه وت ْد ِب ِ يض" . وا ْ شتغل ْت ِبه ْ
::إذا اشتهى المريض طعاما :: شت ِهي خ ْبز بٍّر ,فقال الن ِب ُّي " : م ْن كان ِع ْنده خ ْبز بٍّر , شت ِهي ؟ " ,فقال :أ ْ ع ْن ْاب ِن عباس ,أن الن ِبي عاد رجال ,فقال له " :ما ت ْ ف ْلي ْبع ْث إِلى أ ِخ ِ ط ِع ْمه " [سنن ابن ماجة] .ويعلق ابن القيم في الطب النبوي شتهى م ِريض أح ِدك ْم ش ْيئا فلْي ْ يه " ,ثم قال الن ِب ُّي " :إِذا ا ْ على الحديث " :ففي هذا الحديث سر طبي لطيف ،فإن المريض إذا تناول ما يشتهيه عن جوع صادق طبيعي ،وكان فيه ضرر ما ،كان
أنفع وأقل ضر ار مما ال يشتهيه ،وان كان نافعا في نفسه ،فإن صدق شهوته ومحبة الطبيعة يدفع ضرره ،وبغض الطبيعة وكراهتها للنافع قد يجلب لها منه ضر ار" ا .ه .
::تطييب نفس المريض بالكلمة الطيبة :: ي قال :قال رسول الل ِه صلى الله عل ْي ِه وسلم ( :إِذا دخ ْلت ْم على ا ْلم ِر ِ يض فنفِّسوا له ِفي ْاألج ِل فِإن ذلِك ال يرُّد ش ْيئا ع ْن أ ِبي س ِعيد ا ْلخ ْد ِر ِّ يض) [سنن ابن ماجة] .ق ْوله ( :فنفِّسوا) ِمن الت ْن ِف ِ س ا ْلم ِر ِ وهو ي ِطيب ِبن ْف ِ ي فرجها ، صله الت ْف ِريج يقال نفس الله ع ْنه ك ْربته أ ْ يس وأ ْ والمقصود إمداده باألمل وتطميعه في الشفاء ،بالدعاء له بالعافية والشفاء ،والكفارة ،وطول العمر ،ونحوه من الصيغ مثل :ال بأس
طهور ،أو يطول اهلل عمرك ويشفيك ويعافيك ،هون عليك ..إلخ .فإن هذا التنفيس لن يرد من القضاء شيئا لكنه يشرح صدر المريض. وكان من هديه صلى اهلل عليه وسلم أن يسأل المريض عن حاله ،وكيف يجده ،ويسأله عما يشتهيه ،ويضع يده على جبهته ،وربما وضعها على صدره ،ويدعو له ويصف له ما ينفعه في علته ،وربما توضأ وصب على المريض من وضوئه ،وربما كان يقول للمريض : (ال بأس طهور إن شاء اهلل) ،وهذا من كمال اللطف ،وحسن العالج والتدبير . وعن تأثير التطييب النفسي على معالجة المريض ،يذكر ابن القيم في "الطب النبوي" : "وتفريح نفس المريض وتطييب قلبه وادخال ما يسره عليه له تأثير عجيب في شفاء علته ِ وخفتها ،فإن األرواح والقوى تقوى بذلك ، فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي ،وقد شاهد الناس كثي ار من المرضى ينتعش بعيادة من يحبونه ويحبهم ،ورؤيتهم لهم ولطفهم بهم ومكالمتهم إياهم ،وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تتعلق بهم ،فإن في عيادة المرضى أربعة أنواع من الفوائد :نوع يرجع إلى المريض ،ونوع يعود على العائد ،ونوع يعود على أهل المريض ،ونوع يعود على العامة" ا .ه .
][26
حجَامة .7ال ِ عملية سحب الدم من سطح الجلد باستخدام كؤوس هواء تشفط الدم ،بعد إحداث خدوش سطحية .0
ما هي ِ الحجامة؟
بمشرط معقم على سطح الجلد (غير مؤلمة إطالقا) ،في مواضع معينة بحسب كل مرض .ويطلق عليها في الطب الحديث الحجامة الدامية أو الرطبة تميي از لها عن الحجامة الجافة بالكؤوس فقط من غير تشريط . الدم المستخرج عن طريق الحجامة هو عبارة عن أخالط دموية رديئة ،تحتوي على سموم وآثار األدوية
.2
ما نوع الدم الذي سحب؟ يْ
.3
فضل الحجامة
.4
فضل الحجام
.5
تنبيه
الكيميائية وكريات دم حمراء ه ِرمة أي أن عمرها أكبر من 021يوما وفشل الجسم في التخلص منها ، باإلضافة إلى كريات دم شاذة وصفائح دموية ،واذا كان تعبير (الدم الفاسد) هو المنتشر إال أنه وصف
مجازي ،استخدامه خاط علميا ألنه ال يوجد دم فاسد في الجسم ،إال أن هذا المصطلح يضر أيضا
بالحجامة ويختزلها في استخراج الدم الفاسد كما يشاع بين عامة الناس .13 ع ِن ْاب ِن عباس ر ِ ضي الله ع ْنهما قال ِّ الشفاء ِفي ثالثة ش ْرب ِة عسل وش ْرط ِة ِم ْحجم وكي ِة نار وأ ْنهى أم ِتي ع ِن ا ْلك ِّي [البخاري]
.6
.7
.8 .9
أحسن أوقاتها من الشهر أوقاتها المسنونة من األسبوع أحسن أوقاتها من اليوم مواضع الحجامة األساسية من السنة
عن أنس أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال( :خير ما تداويتم به الحجامة) [البخاري ومسلم]
عن ابن عباس :قال نبي اهلل صلى اهلل عليه وسلم ِ ( :نعم ا ْلع ْبد ا ْلحجام يذ ِ ْهب الدم ,وي ْجلو ا ْلبصر ْ وي ِخ ُّ الص ْلب) [الترمذي وابن ماجة] ف ُّ كل ما يلي من التوقيتات والمواضع خاصة بحجامة السنة والوقاية ،أما الحجامة العالجية للمريض المحتاج فمتى احتاج وحيثما احتاج استعملها ،ويجتهد في موافقة السنة ما استطاع فهو خير له بدءا من وسط الشهر القمري\الهجري حتى قب ْيل آخره ،لتكون أخالط الدم قد هاجت وتجمعت ؛ ذكره ابن سينا وابن القيم
ووردت األحاديث بأيام 20, 09 , 07 , 05من الشهر الهجري ورد تفضيل أيام االثنين والثالثاء والخميس والنهي عن أيام الجمعة والسبت واألربعاء وعدم استحباب يوم األحد يفضل أن تجرى الحجامة في الصباح ال رتفاع الكورتيزون الطبيعي في الجسم خالل الفترة الصباحية. ويفضل تجنب األيام الباردة كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يحتجم ثالثا :واحدة على ِ األخدعين [أحمد] كاهلِه واثنتين على ْ (وورد أنه احتجم في رأسه من صداع ،وفي ِوركه ،وفي مواضع أخرى حسب الحاجة) أن يكون كل من الحاجم والمحتجم في حالة نفسية مطمئنة . استحضار إحياء سنة المصطفى واالقتداء به ،واستحضار شروط االنتفاع بالطب الرباني
.01
توصيات قبل الحجامة
المذكورة في بداية الكتيب . أن يكون المحتجم على الريق ،ولكن ليس على جوع شديد ،ويفضل أن يكون قد مر ساعتين إلى ثالث ساعات من آخر وجبة تناولها .ألن الطعام ينشط جهاز الهضم ،ومن ثم تنشط الدورة الدموية،
13
موقع العالج http://www.al3laj.com/Hejamah :
][27 فتتحرك الرواكد التي تجمعت خالل النوم في منطقة الكاهل . وال بأس من شرب السوائل الخفيفة خاصة الماء والسوائل المحالة بالعسل تجنب المجهود قبلها بدنيا أو نفسيا ،وكذلك االغتسال قبلها فيه اختالف طبي من حيث تفضيله
14
الحرص على التعقيم والنظافة وتحري ذوي الخبرة من الحجامين والحجامات يمكن للمحتجم االحتجام قاعدا ،أو مستلقيا ،خاصة إذا كان ممن يعانون الدوخة أو فقر الدم لم يرد للحجامة ورد معين من الذكر ،لذلك فكل من الحاجم والمحتجم في سعة من قراءة ما تيسر .00
األذكار أثناء الحجامة
.02
بعد الحجامة
من األذكار من الرقية ،وخاصة األساس منها :سورة الفاتحة ،وآية الكرسي ،ودعوات الشفاء
ويمكن القراءة بجهر خافت ،لما لترددات الصوت من أثر على حركة الخاليا
15
وتهدئة النفس
اإلكثار من ذكر اهلل وحمده على نعمة التداوي والدعاء بالعافية والشفاء . بعد مسح مواضع الحجامة وتطهيرها من الدم ،تدهن بزيت الزيتون أو زيت حبة البركة ،ويتجنب استعمال الصابون أو المطهرات الكيماوية لما لها من تأثير حارق على مناطق التشريط . يفضل االغتسال بماء داف أو فاتر ،متى شعر المحتجم بالقدرة على ذلك ولم تكن به دوخة ،على األقل بعد ساعة من الحجامة . يفضل أن يتجنب المحتجم شرب الحليب ومشتقاته في يومها لما قد يثيره الدسم من غثيان ،ويشرب سوائل محالة أفضلها الماء بالعسل ،أو حساء\شوربة دافئة ،ويكثر من الفاكهة والخض اروات ذلك اليوم . ينبغي أن يرتاح المحتجم في يوم حجامته وليومين بعدها وال يجهد نفسه وال ينفعل أو يغضب ،ألن عدم توزان الطاقة واستقرار الدم قد يؤدي لمعاودة األلم ،وفي نفس الوقت يتحرك بشكل طبيعي وال يخمل تماما حتى ال يتخثر الدم في مواضع تجمعه مكان الكاسات . قد يشعر المحتجم بالخمول وقد ينام بعمق في يوم حجامته وهذا أمر طبيعي . قد يحتاج المريض لتكرار الجلسة حتى يأذن اهلل تعالى بالعافية أهم المراجع عن .03